للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ترجم الإمام البخاري - رحمه الله - لحديث أبي هريرة وأنس، بقوله: ((باب الرجل ينعى إلى أهل الميت نفسه)). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى على هذه الترجمة: ((وفائدة هذه الترجمة: الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعاً كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور، والأسواق ... )) ثم قال: ((وقال ابن المرابط: مراده أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح، وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله، لكن في تلك المفسدة مصالح جمة؛ لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود الجنازة، وتهيئة أمره، والصلاة عليه، والدعاء له، والاستغفار، وتنفيذ وصاياه، وما يترتب على ذلك من الأحكام)). ثم قال: قال ابن العربي: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:

الأولى: إعلام الأهل والأصحاب فهذا سنة.

الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تكره.

الثالثة: الإعلام بنوع آخر: كالنياحة، ونحو ذلك فهذا حرام)) (١).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((مات إنسان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه فقال: ((ما منعكم أن تعلموني؟)) قالوا: كان الليل فكرهنا - وكانت ظلمة - أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه)) (٢).

وقد ترجم الإمام البخاري - رحمه الله - لهذا الحديث بقوله: ((باب الإذن بالجنازة)) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((والمعنى الإعلام بالجنازة إذا انتهى أمرها؛ ليُصلَّى عليها، قيل هذه الترجمة: تغاير التي


(١) فتح الباري، لابن حجر، ٣/ ١١٦ - ١١٧.
(٢) متفق عليه: كتاب الجنائز، باب الإذن بالجنازة، برقم ١٢٤٧، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، برقم ٦٨ - (٩٥٤)، و٦٩ - (٩٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>