للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألحق الله بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان: أي الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم فصارت الذرية تبعاً لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون يُلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها جزاء لآبائهم وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئاً)) (١).وهذا هو الفوز العظيم.

نسأل الله تعالى أن يجمعنا في الفردوس الأعلى مع آبائنا، وذرياتنا، وأزواجنا، وجميع أهلينا وأحبابنا إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

ولاشك أن من فارق ذريته وأهله، وأحبابه في الآخرة فقد خسر خسراناً مبيناً، كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (٢)، أي تفارقوا فلا التقاء لهم أبداً، وسواء ذهب أهلوكم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار، أو أن الجميع أسكنوا النار ولكن لا اجتماع لهم ولا

سرور، وهذا هو الخسران المبين الظاهر الواضح)) (٣).

وقال الله - عز وجل -: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مّن سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} (٤)،قال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((أي ذهب


(١) تيسير الكريم الرحمن، للعلامة السعدي، ص٨١٥، وانظر: تفسير الطبري، ٢٢/ ٤٦٧ - ٤٧٠، وتفسير البغوي، ٤/ ٢٣٨.
(٢) سورة الزمر، الآية: ١٥.
(٣) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص١١٥١.
(٤) سورة الشورى، الآيتان: ٤٤ - ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>