للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يقم المسجد فتوفي ليلاً فدفنوه ليلاً، وسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه فقالوا: توفي ليلاً فدفناه في الليل فقال: ((ألا آذنتموني؟)) قالوا: كانت ظلمة. ولم ينكر عليهم، وأجابوا عن هذا الحديث (١) أن النهي كان لترك الصلاة ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل، وإنما نهى لترك الصلاة أو لقلة المصلين، أو عن إساءة الكفن أو عن المجموع كما سبق ... )) (٢).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول على مجموع الأحاديث التي وردت: ((هذه الأحاديث تدل على جواز الدفن ليلاً، وأما ما جاء في النهي عن ذلك فهذا إذا كان فيه تقصير في الصلاة عليه؛ ولهذا جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدفن ليلاً حتى يُصلى عليه.

والخلاصة: أنه إذا كان هناك تقصير في حق الميت: من غسل، أو كفن، أو صلاة على الميت فلا يدفن ليلاً، أما إذا كملت حقوقه فلا بأس بدفنه ليلاً)) (٣).

وسمعته في موضع آخر يقول: ((أما رواية مسلم فزجر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قبر الرجل حتى يُصلَّى عليه، فتأخير الميت ليصلى عليه إذا كان تأخيرها أفضل لكثرة الجمع، والحاصل أن مجموع الأحاديث تفيد أن الأفضل تأخير الصلاة عليه إذا كان تأخيرها أكمل، أما إذا صُلّي عليه في العشاء أو المغرب فلا كراهة. ومما يدل على هذا ما جاء في مسلم: ((ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب))، وهذا يدل على أنها إذا غابت زال النهي، وأن الصلاة عليه بعد الغروب والدفن بعده لا حرج فيه، وقد دفن


(١) حديث جابر السابق عند مسلم.
(٢) شرح النووي، ٧/ ١٤.
(٣) سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الأحاديث رقم ١٩١٤ - ١٩١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>