للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما البكاء فلا بأس به إذا كان بدمع العين فقط بدون نياحة)) (١).

وقوله: ((كنا نعدّ)) أو ((كنا نرى)) قال السندي رحمه الله: ((هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، أو تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الثاني فحكمه الرفع على التقديرين فهو حجة)). ثم قال: ((وبالجملة فهذا عكس الوارد أن يصنع الناس الطعام لأهل الميت، فاجتماع الناس في بيتهم حتى يتكلفوا لأجلهم الطعام قلب لذلك، وقد ذكر كثير من الفقهاء أن الضيافة لأهل الميت قلب للمعقول؛ لأن الضيافة حقها أن تكون للسرور لا للحزن)) (٢).

وقال شيخنا ابن باز رحمه الله: الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة ... وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية والدعاء والترحم على ميتهم، أما أن يجتمعوا لإقامة مأتم (٣) بقراءة خاصة، أو أدعية خاصة، أو غير ذلك، ولو كان هذا خيراً لسبقنا إليه سلفنا الصالح، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ما فعله، فقد قتل جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وزيد بن حارثة - رضي الله عنهم - في معركة مؤتة فجاءه الخبر عليه الصلاة والسلام من الوحي بذلك فنعاهم للصحابة، وأخبرهم بموتهم، وترضَّى عنهم، ودعا لهم، ولم يتخذ لهم مأتماً. وكذلك الصحابة من بعده لم يفعلوا شيئاً من ذلك، فقد مات الصديق - رضي الله عنه - ولم يتخذوا له مأتماً، وقتل عمر - رضي الله عنه - وما جعلوا له مأتماً، ولا جمعوا الناس ليقرأوا القرآن، وقُتل عثمان بعد ذلك


(١) مجموع فتاوى ابن باز، ١٣/ ٣٨٤،وتقدمت أحاديث النياحة في الأمور المحرمة على أقارب الميت وغيرهم، كما تقدمت الأحاديث في جواز البكاء بدمع العين في ما يجوز للحاضرين وغيرهم.
(٢) حاشية السندي على سنن ابن ماجه، ٢/ ٢٧٥.
(٣) مأتم: جمع مآتمه، مجتمع الناس في حزن أو فرح، والمقصود: اجتماع الناس للتعزية بميت. معجم لغة الفقهاء، مادة ((مأتم)).

<<  <  ج: ص:  >  >>