للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثامن: استقبال القبلة، لقول الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} (١). واستقبال جهة البيت الحرام شرط لصحة الصلاة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسيء في صلاته: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر)) (٢)؛ ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما في أهل قباء لما حُوّلت القبلة، قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآنٌ، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة، فاستقْبَلُوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة)) (٣)؛ ولحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: ((صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا [أو سبعة عشر شهرًا] ثم صرفنا نحو الكعبة)) (٤).

ومن تمكن من رؤية الكعبة وجب عليه استقبال عينها فإن حال بينه وبينها حائل، أو كان بعيدًا عنها استقبل جهتها، وتحرَّى لذلك قدر الإمكان، ولا يضر الانحراف اليسير؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) (٥). وسمعت سماحة الإمام، شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - يقول عن هذا الحديث: ((صحيح، وهذا يؤيد عدم التكلف في الجهة، وأنه متى صلى إلى الجهة ولو انحرف عنها قليلاً هكذا أو هكذا فلا يضره ذلك،


(١) سورة البقرة، الآية: ١٤٤.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - البخاري، كتاب الأذان، باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة برقم ٧٩٣،ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم ٣٩٧.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم ٤٠٣، ومسلم، كتاب المساجد، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، برقم ٥٢٦.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، رقم ٣٩٩، ومسلم، كتاب المساجد، باب تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، برقم ٥٢٥.
(٥) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، برقم ٣٤٢، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب القبلة، برقم ١٠١١. وصححه الألباني في إرواء الغليل، ١/ ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>