للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليسرى على صدره بعد الرفع من الركوع كما فعل في قيامه قبل الركوع؛ لحديث وائل - رضي الله عنه - قال: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله)) (١).

ويطمئنُّ في قيامه بعد الرفع من الركوع، فعن ثابت عن أنس - رضي الله عنه - قال: إني لا آلو أن أصلّيَ بكم كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا، قال: فكان أنس يصنع شيئًا لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا، حتى يقول القائل قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي (٢). ويقول في هذا الركن الأذكارَ المشروعةَ سوى ما تقدم إذا شاء (٣).

١٦ـ يسجد مُكبّرًا، واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك فإن شقَّ عليه قدّم يديه قبل ركبتيه، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤)؛ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة المسيء صلاته: ((ثم اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا)) (٥)؛ ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه: ((ثم يُكبّر حين يهوي ساجدًا)) (٦)؛ ولحديث وائل بن حُجْرٍ - رضي الله عنه - قال: ((رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه)) (٧). ويستقبل بأصابع يديه ورجليه


(١) النسائي، برقم ٨٨٧ وتقدم تخريجه.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب المكث بين السجدتين، برقم ٨٢١، ومسلم، كتاب الصلاة، باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام برقم ٤٧٢.
(٣) هناك أذكار أخرى لم تذكر، انظر: صحيح مسلم، برقم ١٧٦ برواياته، وسنن أبي داود، برقم ٨٧٤، وصفة الصلاة للألباني، ص١٤١ - ١٤٤.
(٤) سورة الحج، الآية: ٧٧.
(٥) البخاري، برقم ٧٥٧، وتقدم تخريجه.
(٦) متفق عليه: البخاري، برقم ٧٨٩، ومسلم، برقم ٣٩٢، وتقدم تخريجه.
(٧) أبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم ٨٣٨، و٨٣٩، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين، برقم ٢٦٨، والنسائي، كتاب الافتتاح، باب أول ما يصل من الإنسان في سجوده، برقم ١٠٨٩، وسنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، برقم ٨٨٢، وابن خزيمة، برقم ٦٢٦، والحاكم، ١/ ٢٢٦، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: ((هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ... )) وأما حديث أبي هريرة يرفعه: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) [رواه أبو داود، برقم ٨٤٠، والنسائي، برقم ١٠٩١، والترمذي، برقم ٢٦٩، وأحمد، ٢/ ٣٨١]، فالحديث والله أعلم قد وقع فيه وَهْم من بعض الرواة؛ فإن أوله يخالف آخره؛ فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير؛ فإن البعير إنما يضع يديه أولاً)) زاد المعاد، ١/ ٢٢٣ - ٢٣١، وسمعت الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - أثناء شرحه لبلوغ المرام، الحديث رقم ٣٣٠ يقول: ((كثر الكلام في هذا والأرجح ما قاله ابن القيم، وهو تقديم الركبتين؛ لحديث وائل بن حجر ويتأيد بأول حديث أبي هريرة، فلو قدم يديه لوافق البعير، ولعله وقع وَهْم فقال الراوي: وليضع يديه قبل ركبتيه، وأن أصله: وليضع ركبتيه قبل يديه وهذا هو أظهر وأقرب ... وهو من باب السنن وعليه كثير من الصحابة، وهو قول الأكثرين)). واختار هذا القول العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع، ٣/ ١٥٤ - ١٥٩، وانظر: فتاوى ابن تيمية،٢٢/ ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>