للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربه - عز وجل - في الآخرة، وقرّت عينه أيضاً به في الدنيا، ومن قرَّت عينه بالله، قرّت به كل عين، ومن لم تقرَّ عينه بالله تعالى، تقطَّعت نفسه على الدنيا حسرات.

وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة، واشتغاله فيها بربه - عز وجل - إذا قهر شهوته وهواه، وإلا فقلب قد قهرته الشهوة، وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه مقعداً تمكن فيه، كيف يخلص من الوساوس والأفكار؟ (١).

[الرابع عشر: خشوع النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته:]

النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو أتقى الناس لربه، وأخشاهم، وأشدَّهم خشية وخشوعاً لله تعالى، ومن أعظم خشيته لله، ومحبَّته له، وإجلاله له، وتعظيمه خشوعه في صلاته، ورقّة قلبه في الصلاة، وغيرها من العبادات:

أولاً: خشوعه - صلى الله عليه وسلم - في أفعال الصلاة وأقوالها:

قد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة، طأطأ رأسَه، ذكره الإِمام أحمد رحمه الله، وكان في التشهد لا يُجاوز بَصَرُهُ إشارتَه، وقد تقدّم.

وكان قد جعل الله تعالى قُرّة عينه، ونعيمَه، وسرورَه، وروحَه في الصلاة. وكان يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بِلاَلُ أرِحْنا بِالصلاَةِ)) (٢). وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ)) (٣).


(١) الوابل الصيب لابن القيم، ص ٤٠ - ٤٢ ببعض التصرف اليسير.
(٢) رواه أبو داود، في الأدب: باب صلاة العتمة، برقم ٤٩٨٥، و٤٩٨٦، وأحمد في المسند، ٣٨/ ١٧٨، برقم ٣٢٠٨٨ عن رجل من الصحابة، وصحح إسناده الشيخ الأرناؤوط في تحقيق زاد المعاد، ١/ ٢٦٥.
(٣) رواه النسائي، في عشرة النساء: باب حب النساء، ٧/ ٦١، برقم ٣٩٤٠، وأحمد في المسند، ٢١/ ٤٣٣، برقم ١٤٠٣٧ من حديث أنس، والحاكم، ٢/ ١٧٤، برقم ٢٦٧٦، وقال: ((صحيح على شرط مسلم))، ولفظه بتمامه: ((حُبّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ: النّسَاءُ، وَالطّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ)). وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه على زاد المعاد، ١/ ٢٦٥: ((وسنده حسن)).

<<  <  ج: ص:  >  >>