للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا لم يكن يشغَلُه ما هو فيه من ذلك عن مراعاة أحوال المأمومين وغيرهم، مع كمال إقباله، وقربه من الله تعالى، وحضورِ قلبه بين يديه، واجتماعِه عليه.

وكان يَدْخُلُ فِي الصّلَاةِ وَهُوَ يُرِيدُ إطَالَتَهَا، فَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصّبِيّ فَيُخَفّفُهَا، وَأَرْسَلَ مَرّةً فَارِسًا طَلِيعَةً لَهُ، فَقَامَ يُصَلّي، وَجَعَلَ يَلْتَفِتُ إلَى الشّعْبِ الّذِي يَجِيءُ مِنْهُ الْفَارِسُ (١)، وَلَمْ يَشْغَلْهُ مَا هُوَ فِيهِ عَنْ مُرَاعَاةِ حَالِ فَارِسِهِ.

وَكَذَلِكَ كَانَ يُصَلّي الْفَرْضَ وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ ابْنِ الرّبِيعِ ابْنَةَ بِنْتِهِ زَيْنَبَ عَلَى عَاتِقِهِ، إذَا قَامَ حَمَلَهَا، وَإِذَا رَكَعَ وَسَجَدَ، وَضَعَهَا (٢).

وكان يصلي فيجيء الحسنُ أو الحسين فيركبُ ظهره، فيُطيل السجدة، كَراهية أن يُلقيَه عن ظهره (٣).


(١) أبو داود، ١/ ٢٥٤، كتاب الصلاة، باب الرخصة، برقم ٩١٦، والبيهقي في السنن الكبرى، ٢/ ٢٤٨، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم ٨٥٠.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، برقم ٥١٦، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم ٥٤٣.
(٣) أخرجه أحمد، ٤٥/ ٦١٣، برقم ٢٧٦٤٧، والنسائي، كتاب الصلاة، باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة،٣/ ٢٢٦، برقم ١١٤١. ولفظ أحمد: ((خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي إِحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيّ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ وَهُوَ حَامِلُ حَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَيْ صَلَاتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا فقَالَ إِنّي رَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَجَعْتُ فِي سُجُودِي فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَاةَ قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَيْ الصَّلَاةِ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ قَالَ: ((كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ)) قال الأرناؤوط في تحقيق زاد المعاد، ١/ ٢٦٦: ((وسنده صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وفي الباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عند أحمد، ٢/ ٥١٣، وسنده حسن))، قلت: وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>