للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله - عز وجل - أضاف المساجد إلى نفسه إضافة تشريف، وفضل، كقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (١). وكقوله - عز وجل -: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (٢).وقوله - سبحانه وتعالى -: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أَحَدًا} (٣). مع أن جميع البقاع وما فيها ملك لله - عز وجل -، فهو خالق كل شيء ومالكه، ولكن المساجد لها ميزة وشرف؛ لأنها تختص بكثير من العبادات، والطاعات، والقربات، فليست المساجد لأحد سوى الله، كما أن العبادة التي كلف الله بها عباده لا يجوز أن تصرف لأحد سواه (٤). ومن هذه الإضافة ما أضافه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله إضافة تشريف بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده)) (٥).

ومما يدل على فضل المساجد، ومكانتها قول الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا} (٦). فالجهاد شُرع لإعلاء كلمة الله، والمساجد هي أفضل البقاع التي تُرْفَع فيها كلمة التوحيد، وتُؤَدَّى فيها أعظم الفرائض بعد الشهادتين، ولهذا كان الدفاع عنها واجباً على المسلمين، فقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُم بِبَعْضٍ} قال الإمام ابن جرير رحمه الله: ((أولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره


(١) سورة البقرة، الآية: ١١٤.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٨.
(٣) سورة الجن، الآية: ١٨.
(٤) انظر: فصول ومسائل تتعلق بالمساجد، للدكتور العلامة، عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، ص٥، والأثر التربوي للمسجد، للدكتور العلامة صالح بن غانم السدلان، ص٤،والمشروع والممنوع في المسجد، للشيخ محمد بن علي العرفج، ص٦.
(٥) مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، برقم ٢٦٩٩.
(٦) سورة الحج، الآية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>