للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - جواز إنشاد الشعر الحكيم النافع في المسجد؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن عمر - رضي الله عنه - مرّ بحسان - رضي الله عنه - وهو ينشد الشعر في المسجد، فلحظ إليه (١) فقال: قد كنت أنشدُ وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله أسمعت رسول الله يقول: ((أجب عني اللهم أيّده بروح القدس)) (٢) قال: اللهم نعم (٣).

وفي هذا الحديث دلالة على جواز إنشاد الأشعار التي تدعو إلى الخير في المسجد؛ لما في ذلك من الأثر العظيم في النفوس، وتشجيع أهل الحق، أما ما جاء من أحاديث النهي عن تناشد الأشعار في المسجد، فالنهي محمول على تناشد أشعار الجاهلية، وأهل البطالة، فالمأذون فيه ما سلم من ذلك، وقيل: المأذون فيه: مشروط بأن لا يكون ذلك مما يشغل مَن في المسجد (٤).

١٣ - تحريم السؤال عن الضالة في المسجد؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سمع رجلاً ينشد ضالة (٥) في المسجد فليقل: لا ردّها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبنَ لهذا)) (٦). وعن بريدة - رضي الله عنه - أن رجلاً نشد في المسجد فقال: من دعا (٧) إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا وجدتَ إنما بُنيت المساجد لِمَا بُنيت له)) (٨).


(١) لحظ إليه: نظر إليه وكأن حسان فهم منه نظر الإنكار. سبل السلام، ٢/ ١٨٧.
(٢) روح القدس: جبريل - عليه السلام -.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد، برقم ٤٥٣، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت - رضي الله عنه -، برقم ٢٤٨٥.
(٤) انظر: سبل السلام للصنعاني، ٢/ ١٨٧.
(٥) ينشُدُ: من نشدت إذا طلبت، ومنه قوله: ((نشد)) شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ٥٨.
(٦) مسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم ٥٦٨.
(٧) من دعا إلى الجمل الأحمر: أي من وجد ضالتي وهو الجمل الأحمر فدعاني إليه. انظر: جامع الأصول لابن الأثير، ١١/ ٢٠٤.
(٨) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>