للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني حائض، فقال: ((حيضتك ليست في يدك)) (١). أما حديث عائشة رضي الله عنها ترفعه: ((وجّهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أُحلّ المسجد لحائض ولا جنب)) (٢).فهذا في حق من يجلس في المسجد، وقد قال بعض أهل العلم بجواز جلوس الجنب في المسجد إذا توضأ، لخبر زيد بن أسلم أن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا توضؤوا جلسوا في المسجد (٣)، ولكن قال غيرهم من أهل العلم لا يجلس مطلقاً لعموم الآية: {وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (٤).والوضوء لا يخرجه من كونه جنباً؛ ولعموم الحديث المذكور آنفاً، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز -حمه الله -قول: ((وهذا هو أظهر وأقوى، وفعل من جلس من الصحابة يحمل على أنه خفي عليه الدليل الدالّ على أنه يمنع الجنب من الجلوس في المسجد، والأصل الأخذ بالدليل، وزيد بن أسلم وإن روى له مسلم ففي القلب منه شيء إذا تفرد بالحديث)) (٥).

٤٠ - المواضع المنهي عن الصلاة فيها؛ مما لا شك فيه أن الله قد جعل الأرض مسجداً وطهوراً للنبي محمد عليه الصلاة والسلام وأمته، إلا المقبرة، والحمّام، ومعاطن الإبل، ومواضع النجاسة، ومواضع الخسف والعذاب؛ لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمّام)) (٦). فالمقبرة لا يُصلى فيها


(١) مسلم، في كتاب الحيض، الباب السابق، برقم ٢٩٩.
(٢) أبو داود، كتاب الطهارة، بابٌ في الجنب يدخل المسجد، برقم ٢٣٢، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، ١/ ١٤٠، قال أحمد: ما أرى به بأساً، وقد صححه ابن خزيمة، وحسنه ابن القطان، وسمعت شيخنا الإمام ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ١٣٢، يقول: ((سنده لا بأس به)). وحسنه الأرنؤوط في حاشيته على جامع الأصول، ١١/ ٢٠٥.
(٣) رواه سعيد بن منصور، وحنبل بن إسحاق، كما في المنتقى لابن تيمية، ١/ ١٤١ - ١٤٢، وشرح العمدة لابن تيمية، ١/ ٣٩١.
(٤) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٥) سمعته منه رحمه الله أثناء تقريره على المنتقى للمجد ابن تيمية، الحديث رقم ٣٩٦.
(٦) أبو داود، كتاب الصلاة، باب المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها، برقم ٤٩٢، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، برقم ٣١٧، وابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب المواضع التي تكره الصلاة فيها، برقم ٧٤٥، وأحمد، ٣/ ٨٣، ٩٦، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٩٧، وفي صحيح سنن الترمذي، ١/ ١٠٢، وفي صحيح سنن ابن ماجه، ١/ ١٢٥، وسمعت الإمام ابن باز رحمه الله يقول: ((الصواب أن الحديث موصول؛ لأن الوصل مقدم على الإرسال، فالحكم لمن وصل. سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>