للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل العظيم أن يكون الأذان له ثواب أكثر؛ لِمَا فيه من إعلان ذكر الله تعالى، ولِمَا فيه من المشقّة، ولهذا اختلف العلماء في أيهما أفضل: الأذان أم الإمامة؟ فمنهم من قال: الإمامة أفضل، لِمَا سبق من الأدلة، ومنهم من قال: الأذان أفضل، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين)). ومنزلة الأمانة فوق منزلة الضمان وأعلى منه، والمدعو له بالمغفرة أفضل من المدعو له بالرشد، فالمغفرة أعلى من الإرشاد؛ لأن المغفرة نهاية الخير (١).

واختار شيخ الإسلام - رحمه الله - أن الأذان أفضل من الإمامة (٢). وأما إمامة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإمامة الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - فكانت متعينة عليهم؛ فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يمكن الجمع بينها وبين الأذان، فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان؛ لخصوص أحوالهم، وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل (٣).

٥ - عظم شأن الإمامة وخطره على من استهان بأمرها ظاهر في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم [ولهم] وإن أخطأوا فلكم وعليهم)) (٤). والمعنى: ((يصلون)) أي الأئمة ((لكم)) أي لأجلكم، ((فإن أصابوا)) في الأركان والشروط، والواجبات، والسنن ((فلكم)) ثواب صلاتكم، ((ولهم)) ثواب صلاتهم، ((وإن أخطأوا)) أي ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم، ككونهم محدثين ((فلكم))، ثوابها، ((وعليهم)) عقابها (٥). وعن


(١) انظر: المغني، لابن قدامة، ٢/ ٥٥، وشرح العمدة، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ٢/ ١٣٦ - ١٤٠، وحاشية عبد الرحمن القاسم على الروض المربع، ٢/ ٢٩٦، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٢/ ٣٦.
(٢) انظر: شرح العمدة، ٢/ ١٣٧، والاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص٥٦، ورجح قول شيخ الإسلام العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع، ٢/ ٣٦.
(٣) الاختيارات الفقهية، لشيخ الإسلام ابن تيمية ص٥٦،وشرح العمدة له، ٢/ ١٣٩.
(٤) البخاري، كتاب الأذان، باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه، برقم ٦٩٤ وما بين المعقوفين في نسخة دار السلام، وعند أحمد، ٢/ ٣٥٥.
(٥) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٢/ ١٨٧، وإرشاد الساري للقسطلاني، ٢/ ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>