للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان حسناً، وأما إذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت المأموم الجمعة والجماعة، فهذا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة - رضي الله عنهم - وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور ليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية، فلا يترك الصلاة خلفه بل الصلاة خلفه أفضل، فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما؛ فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، بحسب الإمكان، فتفويت الُجمَع والجماعات أعظم فساداً من الاقتداء فيهما بالإمام الفاجر، ولا سيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجوراً فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية دون دفع المفسدة.

أما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر. وحينئذٍ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر فهو موضع اجتهاد العلماء: منهم من قال: يعيد، ومنهم من قال: لا يعيد (١)، والأقرب أنه لا يعيد (٢).وسمعت شيخنا الإمام ابن باز - رحمه الله - يقول: ((من يسلم من الأئمة من الفسق ولا سيما آخر الزمان، فالقول بعدم صحة الصلاة خلف الفاسق فيه حرج عظيم، ومشقة كبيرة، فالصواب أنها تصح، ولكن على المسؤولين أن يختاروا)) (٣) والله المستعان (٤).


(١) انظر: شرح العقيدة الطحاوية، ص٤٢٣.
(٢) انظر: مجموع فتاوى الإمام ابن باز، ١٢/ ١١٦، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٤/ ٣٠٧، والإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم، ١/ ٣٧٧ - ٣٧٨، والاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص١٠٧، واختار أن الصلاة لا تصح خلف أهل الأهواء والبدع والفسقة مع القدرة على الصلاة خلف غيرهم. وانظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، ٣/ ٣٠٧ - ٣٠٨، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ٤/ ٣٥٥.
(٣) سمعته أثناء تقريره على الأحاديث رقم ١٤٢٩ - ١٤٣٢ من المنتقى من أخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، لأبي البركات ابن تيمية.
(٤) فكل من صحّت صلاته لنفسه صحّت إمامته، قال العلامة محمد بن عثيمين في الشرح الممتع،
٤/ ٣٠٧: ((وهذا القول لا يسع الناس اليوم إلا هو، لأننا لو طبقنا القول الأول على الناس ما وجدنا إماماً يصلح للإمامة)).

<<  <  ج: ص:  >  >>