للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صبيين رجلاً بالغاً، ليخشع الناس في الصلاة (١).

وتقديم الرجال ثم الصبيان يكون في ابتداء الأمر، كأن يجتمع الناس للصلاة في وقت واحد ولم يتقدم أحد قبل أحد، أما إذا جاء الصبي إلى الصفوف الأُوَل وسبق إلى مكانٍ فالصواب أنه أحق به من غيره (٢)؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه)). وفي لفظ: ((نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم الرجل الرجل من مقعده ويجلس فيه)) فقيل لنافع: الجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها (٣). وفي لفظ لمسلم: ((لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسّحوا وتوسّعوا)).

وإقامة الصبي من مكانه وتأخيره يؤدي إلى تنفير الصبيان من المساجد، وكراهتهم للرجل الذي أخّرهم عن الصف (٤)،وهذه مفسدة (٥).قال الإمام شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله -: ((إذا كان الصبي مميزاً عاقلاً فلا يؤخر من مكانه؛ لأنه قد سبق إلى ما لم


(١) انظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، ٤/ ٣٩١.
(٢) وهو اختيار أبي البركات جد شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال المرداوي في الإنصاف لمعرفة الراجح من الخلاف: ((وهو الصواب)) الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، ٣/ ٤٠٦، و٤/ ٤٢٩ - ٤٣٠.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه، برقم ٩١١، وكتاب الاستئذان، باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه، برقم ٦٢٦٩، ومسلم، كتاب السلام، باب تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه، برقم ٢١٧٧.
(٤) رأيت رجلاً كبيراً في السن معه عكازه جاء متأخراً إلى الجامع الكبير بالرياض قبل عام ١٤٠٥هـ فوجد صبياً في الصف الأول فقرعه في رأسه بالعصا وقال: تأخّر وجلس مكانه وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فاستغربت هذا العمل، وسألت العلامة شيخنا عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - وكان إمام الجامع آنذاك فبيّن - رحمه الله - أن هذا خطأ ولا يجوز، وإنما تأخير الصبيان إذا جاء الناس للصلاة في وقت واحد ولم يتقدم أحد على أحد، وذكر أنه ينبغي لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا ويسبقوا إلى الصف الأول.
(٥) انظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، ٣/ ٢٠ - ٢١ و٤/ ٣٨٩ - ٣٩٣، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، ٢/ ٣٤١، والمغني لابن قدامة، ٣/ ٥٧، والإنصاف للمرداوي المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، ٤/ ٤٢٩ - ٤٣٠ و٣/ ٤٠٦، ونيل الأوطار، للشوكاني، ٢/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>