للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان، مما يطيل بنا، فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب في موعظة قطّ أشدَّ مما غضب يومئذٍ، ثم قال: ((أيها الناس، إن منكم منفّرين (١)، فأيكم أمَّ الناس فليخفف؛ فإن فيهم [المريض]، والضعيف، والكبير، وذا الحاجة)) (٢)؛ ولحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوّل فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوَّز (٣) في صلاتي كراهية أن أشق على أمّه)) (٤)؛ ولحديث عثمان بن أبي العاص، وفيه: ((أمَّ قومك، فمن أمَّ قوماً فليخفف؛ فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء)) (٥)؛ ولحديث أنس - رضي الله عنه - قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوجز في الصلاة ويكمّلُها)) (٦).

والتخفيف أمر نسبي يُرجع فيه إلى ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، وواظب عليه، وهديه الذي واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه الناس، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة تبيّن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلوات الخمس، وسبق بيان ذلك في صفة الصلاة، فَفِعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو التخفيف الذي أمر به؛ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالتخفيف


(١) منفرين: المنفر الذي يذكر للإنسان شيئاً يخافه ويكرهه فينفر منه. جامع الأصول لابن الأثير،٥/ ٥٩١.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب تخفيف الإمام في القيام، وإتمام الركوع والسجود، برقم ٧٠٢، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم ٤٦٦، وما بين المعقوفين من رواية للبخاري، برقم ٩٠.
(٣) فأتجوز: التجوز في الأمر: التخفيف والتسهيل. جامع الأصول لابن الأثير،٥/ ٥٩١.
(٤) البخاري، كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم ٧٠٧، وثبت أيضاً من حديث أنس عند البخاري، برقم ٧٠٩، ومسلم، برقم ٤٧٣.
(٥) مسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم ٤٦٨.
(٦) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها، برقم ٧٠٦، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>