للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا شعبة عن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة، وفعله القاسم (١)، ويذكر عن أبي هريرة رفعه: ((لا يتطوع الإمام في مكانه، ولم يصح)) (٢).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: ((وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي قال: ((من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه)) (٣). وحكى الإمام ابن قدامة في المغني عن الإمام أحمد أنه كره ذلك (٤). قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: ((وكأن المعنى في كراهة ذلك: خشية التباس النافلة بالفريضة)) (٥).

وعن السائب بن يزيد أن معاوية - رضي الله عنه - قال له: ((إذا صليت الجمعة فلا تَصِلْها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك: أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج)) (٦).قال الإمام النووي-رحمه الله-: ((هذا فيه دليل لما قاله أصحابنا أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحوّل لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحوّل إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد، أو غيره؛ ليكثر مواضع سجوده؛ ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة، وقوله: ((حتى يتكلم)) دليل إلى أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضاً، ولكن بالانتقال أفضل، لما ذكرناه والله أعلم)) (٧).

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: ((ففي هذا إرشاد إلى طريق


(١) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٣٣٥.
(٢) البخاري، كتاب الأذان، باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام، قبل الحديث رقم ٨٤٨، ورقم الباب ١٥٧.
(٣) فتح الباري،٢/ ٣٣٥، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة، ٢/ ٢٠٩ - ٢١٠.
(٤) المغني لابن قدامة، ٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٥) فتح الباري، ٢/ ٣٣٥.
(٦) مسلم، برقم ٨٨٣،وتقدم تخريجه في صلاة التطوع: الفصل بين النوافل والفرائض بخروج أو كلام.
(٧) شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>