للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهر وهو تعبان، سهران، جائع محتاج إلى راحة وأكل ونوم، فيؤخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يحتاج أن يقدم العشاء مع المغرب وينام بعد ذلك؛ ليستيقظ نصف الليل لسفره، فهذا ونحوه يباح له الجمع. وأما النازل أيامًا في قرية أو مصر وهو في ذلك كأهل المصر: فهذا وإن كان يقصر؛ لأنه مسافر فلا يجمع)) (١).

واستُدِلَّ على أن المسافر يجمع بين الصلاتين عند الحاجة في نزوله في السفر بحديث أبي جحيفة - رضي الله عنه -:أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو نازل بمكة بالأبطح في حجة الوداع في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة عليه حلة حمراء، فتوضأ وأذن بلال، ثم رُكِزَت له عنزة فتقدم فصلى بهم بالبطحاء الظهر ركعتين، والعصر ركعتين ... )) (٢)،قال النووي رحمه الله: ((فيه دليل على القصر والجمع في السفر، وفيه أن الأفضل لمن أراد الجمع وهو نازل في وقت الأولى أن يقدم الثانية إلى الأولى، وأما من كان في وقت الأولى سائرًا فالأفضل تأخير الأولى إلى وقت الثانية)) (٣)،والله تعالى أعلم (٤).


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٢٤/ ٦٤ - ٦٥، وأما تلميذه ابن القيم فلا يرى الجمع وقت النزول، انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد، ١/ ٤٨١، وأما شيخنا عبد العزيز ابن باز، فيرى أن الجمع للمسافر وقت النزول لا بأس به، ولكن تركه أفضل. انظر: مجموع فتاوى ابن باز، ١٢/ ٢٩٧.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس، برقم ١٨٧، ومسلم، كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم ٥٠٣.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٤٦٨.
(٤) ذكر العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله خلاف العلماء في مسألة جمع المسافر أثناء السير والنزول: قال:
أ - فمنهم من يقول: لا يجوز الجمع للمسافر إلا إذا كان سائرًا لا إذا كان نازلاً، وذكر أدلتهم.
ب - والقول الثاني: أنه يجوز الجمع للمسافر سواء كان نازلاً، أم سائرًا واستدلوا بما يلي:
١ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بغزوة تبوك وهو نازل.
٢ - ظاهر حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - الثابت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان نازلاً بالأبطح في حجة الوداع فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين.
٣ - عموم حديث ابن عباس: ((جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا سفر)).
٤ - أنه إذا جاز الجمع للمطر ونحوه فجوازه في السفر من باب أولى.
٥ - أن المسافر يشق عليه أن يفرد كل صلاة في وقتها: إما للعناء أو قلة الماء أو غير ذلك.
قال رحمه الله: ((والصحيح أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب، إن جمع فلا بأس وإن ترك فهو أفضل)) الشرح الممتع، ٤/ ٥٥٠ - ٥٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>