للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهراً (١) هذا هو الحق الذي لا شك فيه (٢).

٧ - سماع النداء؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجمعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (٣) فالمعتبر في رواية عن الإمام أحمد: إمكان سماع النداء، ويمكن سماعه في الغالب على بعد فرسخ، وهو: ثلاثة أميال تقريباً إذا كانت الأصوات هادئة، والموانع منتفية، والريح ساكنة، والمؤذن صيّتاً، على موضع عالٍ، والمستمع غير ساهٍ، وهذا إذا كان خارج البلد، أما إذا كان داخل البلد، ويشمل موضعه اسم البلد وجبت


(١) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٤/ ١٧٨ - ١٧٩ بتصرف يسير، والشرح الممتع لابن عثيمين،
٥/ ١٣، والشرح الكبير، ٥/ ١٦٩.
(٢) وحكي عن الزهري، والنخعي، أن صلاة الجمعة تجب على المسافر؛ لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى، والصواب ما تقدم. انظر: الشرح الكبير، ٥/ ١٦٩، والمغني لابن قدامة، ٣/ ٢١٦، لكن إذا أجمع المسافر إقامة تمنع القصر ولم يرد استيطاناً لبلد: كطالب العلم، أو التاجر الذي يقيم ليبيع متاعه، أو مشتري شيء لا ينجز إلا في مدة طويلة ففيه وجهان عند الحنابلة:
الوجه الأول: تلزمه الجمعة لعموم الآية، ودلالة الأخبار؛ فإن الأخبار جاءت بوجوب الجمعة إلا على خمسة: المريض، والمسافر، والمرأة، والصبي، والمملوك، وليس المسافر المقيم إقامة تمنع القصر من هؤلاء الخمسة.
الوجه الثاني: لا تجب عليه؛ لأنه ليس بمستوطن، والاستيطان من شروط الوجوب؛ ولأنه لم ينوِ الإقامة في هذا البلد على الدوام، فأشبه أهل القرية الذين يسكنونها صيفاً ويظعنون عنها شتاء. انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ٢١٨، والشرح الكبير، المطبوع مع المقنع والإنصاف، ٥/ ١٧٠.
والصواب أن المسافر الذي أقام إقامة تمنع القصر ولم ينو الاستيطان أن وجوب صلاة الجمعة عليه فيه تفصيل:
أ - إذا أقام المسافرون إقامة تمنع القصر في مكان لا تقام فيه صلاة الجمعة فلا تجب عليهم صلاة الجمعة؛ لأنهم أشبه بالمسافرين وسكان البادية، والجمعة إنما تجب على المستوطنين.
ب - إذا أقاموا في مكان تقام فيه صلاة الجمعة من المسلمين المستوطنين فالمشروع أن يصلوا معهم؛ لأن الجمعة تلزمهم بغيرهم، ورجحه المرداوي في الإنصاف قال: ((فالصحيح من المذهب أن الصلاة تلزمه بغيره)) الإنصاف، ٥/ ١٧٠، وهذا ما أفتى به شيخنا ابن باز أهل الغربة في مجموع الفتاوى، ١٢/ ٣٧٦ - ٣٧٧، وانظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ٢١٨، والشرح الكبير، ٥/ ١٧٠، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٥/ ٢٥، وحاشية ابن قاسم مع الروض المربع، ٢/ ٤٢٦.
(٣) سورة الجمعة، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>