للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرضا ثم يفتح لهم ما لم ترَ عينٌ، ولم يخطر [على] قلب بشر، إلى مقدار منصرفهم من الجمعة، وهي زبرجدة خضراء، أو ياقوتة حمراء، مُطَّرِدة فيها أنهارها متدلية فيها ثمارها، فيها أزواجها وخدمها، فليس هم في الجنة بأشوق منهم إلى يوم الجمعة، ليزدادوا نظراً إلى ربهم - عز وجل - وكرامته، ولذلك دعي يوم المزيد)) (١).

وعن أنس - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً)) (٢). قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: ((وسمي سوقاً؛ لقيام الناس فيها على ساق، وقيل: لسوق الناس بضائعهم إليها، فيحتمل أن يكون سوق الجنة عبارة عن مجتمع أهل الجنة، ومحل تزاورهم، وسمّي سوقاً بالمعنى الأول، ويؤيد هذا أن أهل الجنة لا يفقدون شيئاً حتى يحتاجوا إلى شرائه من السوق، ويحتمل أن يكون سوقاً مشتملاً على محاسن ومشتهيات مستلذات تجتمع هنالك مرتبة، محسَّنة، كما تجتمع في الأسواق، حتى إذا جاء أهل الجنة فرأوها فمن اشتهى شيئاً وصل إليه من غير مبايعة ولا معاوضة، ونعيم الجنة وخيرها أعظم وأوسع من ذلك كله، وخصّ يوم الجمعة بذلك لفضيلته، ولِمَا خصّه الله تعالى به من الأمور التي تقدم ذكرها؛ ولأنه يوم المزيد:

أي الذي يُوفَّى لهم ما وُعِدوا من الزيادة، وأيام الجنة تقديرية إذ لا ليل


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين في زوائد المعجمين، برقم ٤٨٧٩،
٨/ ١٥٤، وبرقم ٩٤٤ مختصراً، ٢/ ١٩٧]، قال المنذري في الترغيب والترهيب: ((رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد))، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٤٣٥: ((حسن صحيح))، وقال في موضع آخر في صحيح الترغيب والترهيب، ٣/ ٥٢٥: ((حسن لغيره)).
(٢) مسلم، كتاب الجنة ونعيمها، باب في سوق الجنة وما ينالون فيها من النعيم والجمال، برقم ٢٨٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>