للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} (١)، وهذا قول مالك وأكثر أصحابه،

ووافقهم طائفة من الشافعية على ذلك. وعلى هذا تكون الساعات أجزاء من الساعة السادسة بعد الزوال. وقيل: المراد بالساعات من أول النهار، وأولها من طلوع الفجر، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وأحمد.

وقيل: أول الساعات من طلوع الشمس، ذُكِرَ عن الثوري، وأبي حنيفة، ورجحه الخطابي وغيره؛ لأن ما قبله وقت للسعي إلى صلاة الفجر، ورجح هذا القول عبد الملك بن حبيب المالكي، وهؤلاء حملوا الساعات على ساعات النهار المعهودة، وهو الظاهر المتبادر إلى الفهم؛ فإن ظاهر الحديث يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعة مع طول النهار وقصره، ولا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربع وعشرين ساعة؛ فإن ذلك يختلف باختلاف طول النهار وقصره، ويدل على هذا حديث جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة [فيها ساعة] لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه الله إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر)) (٢).

وأما ذكر الرواح فيجاب عنه بجوابين:

الأول: أنه لما كان آخر الساعات بعد الزوال هو رواح حقيقي سُميت كلها رواحاً، كما يسمى الخارج للحج والجهاد: حاجّاً وغازياً قبل تلبسه بالحج والغزو؛ لأن أمره ينتهي إلى ذلك.

الثاني: أن الرواح أريد به هنا القصد والذهاب مع قطع النظر عن كونه قبل الزوال أو بعده؛ فإن الرواح والغدو عند العرب يستعملان في السير


(١) سورة سبأ، الآية: ١٢.
(٢) النسائي، برقم ١٣٨٧، والسنن الكبرى للنسائي، ١/ ٥٢٦، وأبو داود، برقم ١٠٤٨، وتقدم تخريجه في ساعة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>