للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الوجه، ولا منافاة بينهما؛ لأنه باعتبار كونه مزيداً يسمى ثالثاً، وباعتبار كونه مقدماً على الأذان والإقامة يسمى أولاً. [أما رواية] أن التأذين الثاني أمر به عثمان وتسميته ثانياً أيضاً متوجه بالنظر إلى الأذان

الحقيقي، لا الإقامة)) (١). والنداء الأول للجمعة الذي جعله عثمان - رضي الله عنه - ليس ببدعة؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتباع الخلفاء الراشدين، بقوله: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)) (٢). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد كلامه على رويات الأذان الذي جعله عثمان: ((وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياساً على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب)) (٣). وعلق القسطلاني في شرحه للبخاري على حديث السائب بن يزيد، فذكر بأن النداء الذي زاده عثمان هو عند دخول الوقت، وسماه ثالثاً باعتبار كونه مزيداً على الأذان بين يدي الإمام والإقامة للصلاة، وأطلق على الإقامة أذاناً تغليباً بجامع الإعلام فيهما، وكان هذا الأذان لما كثر المسلمون، فزاده اجتهاداً منه وموافقة سائر الصحابة له بالسكوت، وعدم الإنكار فصار إجماعاً)) (٤).

وقال الإمام شيخنا ابن باز رحمه الله: ((إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في المدينة، فرأى أن يزاد الأذان


(١) فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٣٩٤.
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم ٤٦٠٧، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم ٢٦٧٦، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم ٤٢ - ٤٤، وأحمد، ٤/ ٤٦ - ٤٧، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٣/ ١١٩ وغيره.
(٣) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٣٩٤.
(٤) انظر: إرشاد الساري شرح صحيح البخاري، للقسطلاني، ٢/ ٥٨٥، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ٨/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>