للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتخفيف الماحق (١).

وطول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه: أي علامة ظاهرة على فقهه، قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة)) قال الإمام النووي رحمه الله: ((س٥ في واقصروا همزة وصل، وليس هذا الحديث مخالفاًَ للأحاديث المشهورة في الأمر بتخفيف الصلاة؛ لقوله في الرواية الأخرى: وكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً؛ لأن المراد بالحديث الذي نحن فيه أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلاً يشق على المأمومين، وهي حينئذ قصد: أي معتدلة، والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها، وقوله:

((وإن من البيان لسحراً)) قيل: من الفهم وذكاء القلب. وقيل فيه تأويلان:

الأول: أنه ذم؛ لأنه إمالة القلوب وصرفها بمقاطع الكلام إليه حتى يكسب من الإثم به كما يكسب بالسحر.

والثاني: أنه مدح؛ لأن الله تعالى امتن على عباده بتعليمهم البيان، وشبهه بالسحر، لميل القلوب إليه وأصل السحر: الصرف: فالبيان يصرف القلوب ويميلها إلى ما تدعو إليه، واختار الإمام النووي رحمه الله أن هذا هو الصحيح (٢).

وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يذكر أن قوله: ((إن من البيان لسحراً)) على معنيين: إن استخدم في الحق وبيانه وإيضاحه فهو محمود وحلال، وإن استخدم في رد الحق وتزيين الباطل فهو مذموم لا يجوز.

وفي تقصير الخطبة ثلاث فوائد: لا يحصل الملل للسامعين، وأوعى للسامع فيحفظ ما سمع، وفي ذلك اتباع السنة (٣).

٨ - يرفع صوته حسب طاقته ويفخم أمر الخطبة ويظهر غاية غضبه


(١) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٠٢.
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٠٢ - ٤٠٨.
(٣) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، ٥/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>