للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ - شكر نعم الله تعالى على الصائمين بالصيام ولله حكم وأسرار لا تصل إليها عقول العالمين (١).

[الثاني عشر: الأضحية مشروعة ولها أحكام على النحو الآتي:]

١ - مفهومها: هي اسم لما يذبح أو ينحر بسبب العيد: من الإبل، والبقر، والغنم: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة، تقرباً إلى الله تعالى، وسميت بذلك والله أعلم؛ لأن أفضل زمن لذبحها ضحى يوم العيد (٢).

٢ - حكمها: الأضحية مشروعة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.

فأما الكتاب؛ فلقول الله تعالى: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ} (٣).

وأما السنة؛ فلحديث أنس - رضي الله عنه - قال: ((ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين، أملحين (٤) أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما)). وفي لفظ لمسلم: ويقول: ((باسم الله والله أكبر)). وفي لفظ للبخاري: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي بكبشين، وأنا أضحي بكبشين)) (٥).

وأما الإجماع: فأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية (٦)،والأضحية سنة مؤكدة جداً لا ينبغي تركها لمن يقدر عليها، وعلى هذا أكثر أهل

العلم (٧). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول:


(١) إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب، للشيخ العلامة السعدي، ص١٣٤.
(٢) انظر: أحكام الأضاحي، للعلامة محمد بن صالح بن عثيمين، ص٥، ومجالس عشر ذي الحجة، للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان، ص٦٩.
(٣) سورة الكوثر، الآية: ٢.
(٤) الأملح: يقال: كبش أملح: إذا كان بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض. جامع الأصول لابن الأثير،٣/ ٣٢٥،وانظر: المغني لابن قدامة،١٣/ ٣٦٠.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الأضاحي، باب أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أقرنين، ويذكر سمينين، برقم ٥٥٥٣، ومسلم، كتاب الأضاحي باب استحباب استحسان الأضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل، والتسمية والتكبير، برقم ١٩٦٦.
(٦) المغني لابن قدامة، ١٣/ ٣٦٠.
(٧) اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الأضحية، فقال قوم: بأنها سنة، وقال آخرون: بالوجوب. قال الإمام ابن قدامة: ((أكثر أهل العلم يرون الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة، روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وأبي مسعود البدري - رضي الله عنهم -، وبه قال سويد بن عقبة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر. وقال ربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأبو حنيفة: هي واجبة؛ لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) [أحمد، ٢/ ٣٢١،وابن ماجه، برقم ٣١٢٣،وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه،٣/ ٨٢]،وعن مخنف بن سليم قال: كنا وقوفاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال: ((يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية ... )) [أحمد، ٤/ ٢١٥، وأبو داود برقم ٢٧٨٨، والنسائي، برقم ٤٢٣٥،وابن ماجه، برقم ٣١٢٥، والترمذي، وحسنه برقم ١٥١٨،وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، ٣/ ٨٢]، المغني لابن قدامة، ١٣/ ٣٦٠ - ٣٦١، ومن قال: بأن الأضحية سنة احتجوا بحديث ابن عباس يرفعه: ((ثلاث هن عليّ فرائض وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وصلاة الضحى)) وفي لفظ الدارقطني: ((وركعتا الفجر)) بدل ((وصلاة الضحى)) رواه أحمد، برقم ٢٠٥٠، والدارقطني، ٢/ ٢١، ونقل أحمد شاكر تضعيف هذا الحديث باللفظين]. واستدل الجمهور أيضاً بحديث أم سلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً))، وفي لفظ: ((إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره))، وفي لفظ: (( ... فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي)) [مسلم، برقم ١٩٧٧] فقالوا: علقه على الإرادة، والواجب لا يعلق على الإرادة؛ ولأنها ذبيحة لم يجب تفريق لحمها فلم تكن واجبة كالعقيقة، وردوا على أهل الوجوب بأن حديثهم قد ضُعّف، وقالوا: ((ثم نحمله على تأكيد الاستحباب كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) [تقدم تخريجه] المغني لابن قدامة، ١٣/ ٢٦١. ولكن من قال بالوجوب استدلوا أيضاً بحديث في الصحيحين عن جندب بن سفيان البجلي قال: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر قال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح [على اسم الله])) [البخاري، برقم ٥٥٦٢، ومسلم، برقم ١٩٦٠، وما بين المعقوفين له]، وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على هذا الحديث: ((من ذبح قبل الصلاة فالسنة أن يضحي بأخرى، وإذا صلى الإنسان دخل وقت ضحيته)).

<<  <  ج: ص:  >  >>