للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباد من بأس الله وسطوته، ويؤيده قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} (١) (٢)؛ ولحديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله تعالى يُخوّف بهما عباده)) (٣).

وعن عائشة رضي الله عنها ترفعه: ((إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفًا فاذكروا الله حتى ينجليا)) (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((وكأن بعض الناس ظن أن كسوفها [أي الشمس] كان؛ لأن إبراهيم مات فخطبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة)) (٥). وفي رواية في الصحيح: ((ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده)) (٦). وهذا بيان منه - صلى الله عليه وسلم - أنهما سبب لنزول عذاب بالناس؛ فإن الله تعالى إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه، وعصوا رسله، وإنما يخاف الناس مما يضرهم فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفًا، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} (٧)، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يزيل


(١) سورة الإسراء، الآية: ٥٩.
(٢) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٥٢٨.
(٣) البخاري، كتاب الكسوف، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:يخوف الله عباده بالكسوف، برقم ١٠٤٨.
(٤) مسلم، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم ٦ - ((٩٠١)).
(٥) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: البخاري برقم ١٠٤٤، ورقم ١٠٤٧، ومسلم، برقم ٩٠١، ويأتي تخريجه في صفة صلاة الكسوف.
(٦) البخاري، برقم ١٠٤٨، وتقدم تخريجه في الذي قبله.
(٧) سورة الإسراء، الآية: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>