للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتخلل بين الطلوع والطلوع المذكور أشياء مما ذكر، وتقع متتالية بعضها إثر بعض، مع استحضار قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (١) (٢).

فينبغي للمؤمن أن يخاف من نزول عقوبة عند كسوف الشمس أو القمر، وقد خاف النبي - صلى الله عليه وسلم - عند كسوف الشمس، فخرج فزعًا يجرُّ رداءه، وقد كان من هديه - صلى الله عليه وسلم - أنه يعتني بما يحدث من الظواهر الكونية التي يجريها الله تعالى ويحثّ الناس على الدعاء والحذر من نزول العقوبات، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم الريح والغيم عُرِفَ ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرّ بِهِ وذهب عنه ذلك، فسألته فقال: ((إني خشيت أن يكون عذابًا سُلّط على أمتي)) ويقول إذا رأى المطر: ((رحمة)) (٣).

وفي رواية: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أُرسلت به))،وإذا تخيلت السماء (٤) تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرّي عنه (٥) فعرفتُ ذلك في وجهه، فسألته فقال: ((لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٦))).

وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: ((ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى من لهواته، إنما كان يَتَبَسَّمُ، قالت: وكان


(١) سورة النحل، الآية: ٧٧.
(٢) فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٤٦.
(٣) ويقول إذا رأى المطر ((رحمة)) أي هذا رحمة، شرح النووي على صحيح مسلم،٦/ ٤٤٩.
(٤) تخيلت: من المخيلة بفتح الميم، وهي سحابة فيها رعد وبرق يخيل إليه أنها ماطرة، ويقال: أخالت: إذا تغيمت. شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٤٩.
(٥) سُرّي عنه: أي انكشف عنه الهم، يقال: سروت الثوب وسريته: إذا خلعته، والتشديد للمبالغة.
(٦) سورة الأحقاف، الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>