للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«لَسْتُ خَلِيفَةَ اللهِ وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» بينما يجيز غيرهم أن يقال لبشر خليفة الله ما دام قائمًا بأمر الله في خلقه، ولقوله - جَلَّ شَأْنُهُ - {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الأنعام: ١٦٥]. ولا شك أن الرأي الأخير هو الأصح، فما ينبغي أن يقاس بالبشر من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وإذا كان شأن الله أَنْ يُسْتَخْلَفَ وهو شاهد لا يغيب حتى لا يموت، ويكفي قوله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠]، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ} [الأنعام: ١٦٥]، ليجوز القول بأن البشر خلفاء الله خصوصًا وأنه استخلفهم في ملكه وسخره لهم {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ} [المائدة: ١٢٠]، {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: ١٣].

وإذا صح هذا فلا يهمنا أن نتحقق مِمَّا إذا كان البشر خَلَفُوا خَلْقًا سَابِقًا عليهم أم لا، لأن هذا الخلق السابق إنما استخلفه الله في الأرض كما استخلف البشر فإذا خلف البشر من كانوا خلفاء لله فالبشر قد صاروا بذلك خلفاء للهِ أيضًا، ومن ثم تنتهي في كل الأحوال إلى أن خلافة البشر عن الله - جَلَّ شَأْنُهُ - وليست عن غيره.

أما معنى الاستخلاف الفقهي فهو النيابة أو القوامة بحسب مدركات البشر الفقهية ذلك أن الله استخلف البشر في الأرض

<<  <   >  >>