للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جمع الفقهاء بين الاغتسال والتنظف صار معنى التنظف ينحصر في تقليم الأظافر وحلق العانة والإبط باعتبار أن الاغتسال يتناول مسألة تعميم الجسم بالماء.

ليس في النصوص الشرعية ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أن أحداً من أصحابه كان يتقصد التنظف بهذا المعنى عند الإحرام لكن الجمهور استدلوا بدليلين:

- الدليل الأول: وهو الأقوى - أن إبراهيم النخعي - رضي الله عنه - قال: كانوا يفعلون ذلك.

وأنا قلت لكم: أن مثل هذه العبارة عن مثل هذا التابعي عبارة مهمة جداً وللإنسان أن يعتمد عليها في تقرير الحكم أو على أقل تقدير يستأنس بها، لأن معنى قوله - رضي الله عنه -: (كانوا) إما أن ينصرف إلى الصحابة أو على أقل تقدير إلى كبار التابعين، وإذا كان هذا المعنى معروفاً في تلك الطبقة التي هي خير القرون صار هذا أمراً يمكن للإنسان أن يتمسك به في إثبات استحباب التنظف.

- الدليل الثاني: قالوا: أنه يستحب أن يفعل ذلك لأن لا يحتاج إلى أخذ هذه الشعور أثناء الإحرام ولن يتمكن من ذلك بسبب الإحرام فإن الأخذ من الشعر من محظورات الإحرام.

تبين معنى الآن أن الاغتسال والتنظف نقول: أنه مستحب ولا نقول سنة، فهو مستحب وليس بسنة.

- ثم قال - رحمه الله تعالى -:

وتطيب.

يعني ويستحب لمن أراد أن يحرم أن يتطيب.

ومقصود الحنابلة هنا بقولهم يتطيب: يعني في جسده دون ثياب الإحرام فالسنة أن يضع الطيب على الجسد لا على ثياب الإحرام.

واستدلوا على ذلك:

- بقول عائشة - رضي الله عنها - كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف.

واستدلوا على أن التطيب يكون في البدن دون الثياب:

- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى في الحديث الصحيح عن لبس ثوب زعفر أو مسه ورس، والورس والزعفران من أنواع الطيب.

فدل مجموع الحديثين على أن الطيب يكون في البدن دون الثوب.

* * مسألة: حكم وضع الطيب على ثياب الحرام:

= عند الحنابلة: مكروه مع الجواز. لكن قالوا: إذا وضع الطيب على الثياب ثم أحرم ثم خلع هذه الثياب لأي غرض من الأغراض فإنه حينئذ لا يجوز له أن يرجع فيلبس هذا الإحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>