للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحصل بهذا التفريق بين هذه المياه التي تخرج وكل منها يوجب ما لا يوجبه الآخر - حسب التفصيل الذي سيأتينا في هذا الباب.

• قال - رحمه الله -:

خروج المني دفقاً بلذة.

إذاً أول موجب من موجبات الغسل خروج المني دفقاً بلذة.

والدليل على أن هذا من موجبات الغسل مارواه أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الماء من الماء.

الماء الأول ماء الاغتسال. والماء الثاني: يقصد به المني.

وهذا الحديث في صحيح مسلم.

إذاً حديث الماء من الماء. دليل على أصل المسألة وهو وجوب الاغتسال من خروج المني.

ثم قال: دفقاً بلذة.

إذاً يشترط الحنابلة لوجوب الاغتسال بخروج المني أن يخرج دفقاً بلذة.

وهذا مذهب الحنابلة بل هو مذهب الجمهور. - الحنابلة والمالكية والأحناف.

واستدلوا بحديث علي بن أبي طالب - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا فضخت الماء فاغتسل.

قال أهل اللغة: والفضخ هو خروج الماء على وجه الغلبة والسرعة.

فالحديث نص في أنه إذا لم يخرج فضخاً فإنه لا يوجب الاغتسال فإذا خرج من الإنسان مني بسبب المرض فإنه عند الجمهور لا يوجب الاغتسال وإنما يوجب أن يغسل الإنسان الموضع ويتوضأ فقط.

إذا يشترط لكي يوجب الاغتسال أن يخرج دفقاً بلذة.

وذهب الشافعية: إلى أن خروج المني بحد ذاته ولو لم يكن دفقاً ولا لذة يوجب الاغتسال.

واستدلوا: بحديث أبي سعيد السابق الماء من الماء. والنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث لم يشترط إلا خروج الماء.

أجاب الجمهور عن هذا الحديث بجوابين:

الأول: قالوا هو منسوخ بحديث علي.

والجواب الثاني: - وهو أقوى - أن الماء في حديث أبي سعيد يقصد به الخروج الغالب وهو أن يكون دفقاً بلذة. لأن الأصل في خروج المني من الرجل أن يخرج دفقاً بلذة.

أما خروجه بسبب مرض فهو أمر عارض لا يتحدث عنه النص.

إذاً نحمله على الغالب نحمل حديث الماء من الماء على الغالب.

وبهذا يكون ما قرره الجمهور وهو اشتراط أن يكون دفقاً بلذة يوجب الاغتسال هو الصواب الذي تدل عليه النصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>