للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجبت عليه الجمعة أبيح له القصر، والعوالي بعضها من المدينة وإن كان اسم المدينة يتناول جميع المساكن كما قال تعالى: {وممّن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النّفاق} (١) وقال: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أنْ يتخلّفوا عن رسول الله} (٢).

وأما ما نقل عن ابن عمر، فينظر فيه هل هو ثابت أم لا؟ فإن ثبت فالرواية عنه مختلفة وقد خالفه غيره من الصحابة، ولعله أراد إذا قطعت من المسافة ميلاً ولاريب أن قباء من المدينة أكثر من ميل، وما كان ابن عمر ولا غيره يقصرون الصلاة إذا ذهبوا إلى قباء.

فقصر أهل مكة الصلاة بعرفة، وعدم قصر أهل المدينة الصلاة إلى قباء ونحوها مما حول المدينة دليل على الفرق. والله أعلم.

وقال رحمه الله تعالى في ص (١٣١): وفي "صحيح مسلم" حدثنا ابن أبي شيبة وابن بشار كلاهما عن غندر، عن شعبة، عن يحيى بن يزيد الهنائي: سألت أنس بن مالك عن قصر الصّلاة؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ -شعْبة الشّاكّ- صلّى ركعتين. ولم ير أنس أن يقطع من المسافة الطويلة هذا؟ لأن السائل سأله عن قصر الصلاة، وهو سؤال عما يقصر فيه ليس سؤالاً عن أول صلاة يقصرها، ثم إنه لم يقل أحد إن أول صلاة لا يقصرها إلا في ثلاثة أميال أو أكثر من ذلك، فليس في هذا جواب لو كان المراد ذلك، ولم يقل ذلك أحد، فدل


(١) سورة التوبة، الآية: ١٠١.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٠.

<<  <   >  >>