للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم أن طبيعةً من غير طابع لها محال، فقد دل لفظ الطبيعة على الباري تعالى كما دل معناها (١) عليه.

والمسلمون يقولون: إن الطبيعة خلق من خلق الله مسخّر مربوب، وهي سنته في خليقته التي أجراها عليه، ثم إنه يتصرف فيها كيف شاء وكما شاء، فيسلبها تأثيرها إذا أراد ويقلب تأثيرها إلى ضده إذا شاء ليري عباده أنه وحده البارئ المصور، وأنه يخلق ما يشاء كما يشاء: {إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون (٢)}.

وأن الطبيعة التي انتهى نظر الخفافيش إليها إنما هي خلق من خلقه بمنزلة سائر مخلوقاته.

فكيف يحسن بمن له حظ من إنسانية أو عقل أن ينسى من طبعها وخلقها ويحيل الصنع والإبداع عليها؟!

ولم يزل الله سبحانه يسلبها قوتها ويحيلها ويقلبها إلى ضد ما جعلت له حتى يري عباده أنّها خلقه وصنعه مسخرة بأمره: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربّ العالمين (٣)}. اهـ

وقال رحمه الله (ج٢ ص٢١٣):

من أين للطبيعة هذا الاختلاف والفرق الحاصل في النوع الإنساني بين


(١) وهذه مناقشة قديمة لـ (الدهرية) القدماء، و (الملاحدة) الجدد، المسمين حينًا بـ (الشيوعيين) وآخر بـ (الإشتراكيين).
(٢) سورة يس، الآية:٨٢.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٥٤.

<<  <   >  >>