للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب على المدائن، وكان يدعوا الفرس إلى الإسلام- قد ثبت

عنه: أنه سئل عن شىء من السمن والجبن والفِراء؛ فقال: "الحلال ما

أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو

مما عفا عنه" (١)، وقد رواه أبو داود مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ومعلومٌ أنه لم يكن السؤال من جبن المسلمين وأهل الكتاب فإن هذا أمره بيِّن، وإنما كان السؤال عن جبن المجوس؛ فدلَّ ذلك على أن سلمان كان يفتي بحلها، وإذا كان قد روي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

انقطع النزاع بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأيضًا: فاللبن والإِنفَحَةُ لم يموتا، وإنما نَجَّسهما من نَجَّسهما لكونهما من وعاء نجس، فيكون مائعًا في وعاء نجس، فالتنجيس مبنيٌّ على مقدمتين: على أن المائع لاقى وعاء نجسًا، وعلى أنه إذا كان كذلك صار نجسًا.

فيقال أولًا: لا نسلم أن المائع يَنجس بملاقاة النجاسة، وقد تقدم أن السنة دلت على طهارته، لا على نجاسته.

ويُقال ثانيًا: الملاقاة [في] (٢) الباطن لا حكم لها، كما قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: ٦٦].

ولهذا يجوز حمل الصبي الصغير في الصلاة مع ما في [بطنه] (٣).


(١) حسن لغيره، تقدم تخريجه.
(٢) في (خ، د): [من].
(٣) في (خ، د): [باطنه]؛ وانظر هذا الفصل في "الفتاوى" (٢١/ ١٠٣، ١٠٤).

<<  <   >  >>