للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما ذكر الله تعالى غايتين على قراءة الجمهور؛ لأن قوله: {حَتَّى يَطهُرنَ} غاية التحريم الحاصل بالحيض، وهو تحريم لا يزول بالاغتسال ولا غيره، فهذا التحريم يزول بانقطاع الدم، ثم يبقى الوطء بعد ذلك جائزًا، بشرط الاغتسال، لا يبقى محرمًا على الإطلاق، فلهذا قال: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}.

وهذا كقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: ٢٣٠]، فقوله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} غاية التحريم الحاصل بالثلاث، فإن نكحت الزوج الثاني زال ذلك التحريم، لكن صارت في عصمة الثاني؛ فحرمت لأجل حقه، لا لأجل الطلاق الثالث، فإن طلقها جاز للأول أن يتزوجها.

وقد قال بعض أهل الظاهر: المراد بقوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي: غسلن فروجهن بالماء، وهذا ليس بشيء (١)، لأنه تعالى قد


من طريقين يلفظ: "لا يأتيها حتى تحل لها الصلاة"، ثم قال: "فهذا ثابت عنهما، والذي روى عن طاوس وعطاء ومجاهد الرخصة: ليث بن أبي سليم، وليث ممن لا يجوز أن يقابل به ابن جريج، ولو لم يخالفه ابن جريج لم تثبت رواية ليث بن أبي سليم، وإذا بطلت الروايات التي رويت عن عطاء وطاوس ومجاهد، كان المنع من وطء من قد طهرت من المحيض ولما تطهر بالماء كالإجماع من أهل العلم إلا من قد ذكرناه من منع ذلك، ولا نجد أحدًا ممن يعد قوله خلافًا قابلهم إلا بعض من أدركنا من أهل زماننا ممن لا أن يقابل عوام أهل العلم". اهـ.
(١) قال الشيخ محمد حامد الفقي -رحمه الله-:

<<  <   >  >>