للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فإذا افترق أصحاب هذه العقود وجب للعامل قسط مثله من الربح، إما ثلث الربح وإما نصفه، ولم تجب أجرة المثل للعامل وهذا القول هو الصواب المقطوع به، وعليه إجماع الصحابة.

والقول بجواز المساقاة والمزارعة: قول جمهور السلف: من الصحابة والتابعين وغيرهم، وهو مذهب الليث بن سعد وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد وفقهاء الحديث: كأحمد بن حنبل وإسحق ابن راهوية ومحمد بن إسحق بن خزيمة وأبي بكر بن المنذر والخطابي وغيرهم.

والصواب: أن المزارعة أحل من المؤاجرة بثمن مسمى؛ لأنها أقرب إلى العدل وأبعد عن الخطر، فإن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من العقود، [منه] (١) ما يدخل في جنس الربا المحرم في القرآن، ومنه ما يدخل في جنس الميسر الذي هو القمار؛ وبيع الغرر هو من نوع القمار والميسر، فالأجرة، والثمن إذا كانت غررًا، مثل ما لم يُوصف، ولم يُرَ، ولم يُعلم جنسه كان ذلك غررًا وقمارًا.

ومعلوم أن المستأجر إنما يقصد الانتفاع بالأرض بحصول الزرع له، فإذا أُعطِيَ الأجرة المسمَّاة كان المؤجر قد حصل له مقصوده بيقين.

وأما المستأجر فما يدري: هل يحصل له الزرع أم لا؟ بخلاف المزارعة، فإنهما يشتركان في المغنم، وفي الحرمان، كما في


(١) في (خ): [مثل].

<<  <   >  >>