للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: لا يكون السبب ظاهر الاستحقاق، مثل أن يكون قد جحد دَيْنَه أو جحد الغصب، ولا بينة للمدعي، فهذا فيه قولان: أحدهما: ليس له أن يأخذ، وهو قول مالك وأحمد.

والثانى: له أن يأخذ، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة -رحمهما الله تعالى-، فيسوغ عندهما الأخذ من جنس الحق، لأنه استيفاء، ولا يسوغ الأخذ من غير الجنس، لأنه معاوضة، فلا يجوز إلا برضا الغريم.

والمجوزون يقولون: إذا امتنع من أداء الواجبات عليه ثبتت المعاوضة بدون إذنه للحاجة، لكن من منع الأخذ مع عدم ظهور الحق استدل بما في السنن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أد الأمانة إلى من أئتمنك، ولا تخن من خانك" (١).


(١) حسن لشواهده: أخرجه الترمذي (١٢٦٤)، والدارمي (٢٥٩٧)، وأبو داود (٣٥٣٥)، والحاكم (٢/ ٥٣)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٧٤٢)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ٣٦٠) كلهم من طريق طلق بن غنام عن شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا. قال ابن أبي حاتم في "العلل" (١/ ٣٧٥): سمعت أبي يقول: طلق بن غنام هو ابن عم حفص بن غياث وهو كاتب حفص بن غياث روى حديثًا منكرًا عن شريك وقيس وذكره". اهـ.
قلت: قيس بن الربيع: صدوق تغير لما كبر أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به، وأما شريك فقد تغير حفظه لما تولى القضاء، وسماع الكوفيين المتقدمين منه جيد، لذا جاء في "نصب الراية" (٤/ ١١٩): "قال ابن القطان: والمانع من تصحيحه أن شريكًا وقيس بن الربيع مختلف فيهما". اهـ.

<<  <   >  >>