للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك المسجد الحرام.

وقد ثبت في الصحيحين: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لعائشة: "لولا قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة، ولألصقتها بالأرض، ولجعلت لها بابين: بابًا يدخل الناس منه، وبابًا يخرج منه الناس" (١)، فلولا المعارض الراجح لكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غيَّر بناء الكعبة، فيجوز تغيير بناء الوقف من صورة إلى صورة؛ لأجل المصلحة الراجحة.

أما إبدال العرصة بعرصة أخرى: فهذا قد نص أحمد وغيره على جوازه، اتباعًا لأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، حيث فعل ذلك عمر رضي الله تعالى عنه واشتهرت القضية، ولم ينكر.

وأما إذا كان المغل قليلًا، فيبدل بخير منه، مثل أن يقف دارًا أو حانوتًا أو بستانًا، أو قرية مغلها قليل، فيبدلها بما هو أنفع الموقف.

فقد أجاز ذلك أبو ثور وغيره من العلماء، مثل أبي عبيد [بن حربويه] (٢) قاضي مصر، وحكم بذلك، وهو قياس قول أحمد في تبديل المسجد من عرصة إلى عرصة؛ للمصلحة، بل إذا جاز أن يبدل المسجد بما ليس بمسجد للمصلحة، بحيث يصير المسجد سوقًا، فلأن يجوز إبدال [المستغل بمستغل] (٣) آخر أولى وأحرى، وهو قياس قوله في إبدال الهدى بخير منه، وقد نص على أن المسجد


(١) أخرجه البخاري (١٢٦)، ومسلم (١٣٣٣) من حديث عبد الله بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) في (ف): [في حرمويه].
(٣) في (خ): [المستعمل بمستعمل].

<<  <   >  >>