للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع – قال الشيخ عبد الرحمن دمشقية في "موسوعة أهل السنة" (١/ ٣٣٨): (ولو كان هذا الذي يفهمه الناس هو الفهم الصحيح للحديث لصار في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " فمن رغب عن سنتي فليس مني " تناقضاً واضحاً وتحريضاً على الإعراض عن السنة، وثناءً منه على من رغب عن سنته. فبينما يقول " عليكم بسنتي " داعياً إلى التمسك بها والعض عليها بالنواجذ والقبض عليها كالقبض على الجمر يدعونا هنا إلى الأخذ بأي سنة يسنها من شاء من المسلمين لا بالتقيد بسنته - صلى الله عليه وسلم - وحده!).

ومما سبق يتبين أنه لا حجة لهم في الاستدلال بهذا الحديث وأنه حجة عليهم لا لهم، قال الشيخ أحمد عبدالكريم نجيب في "أقوم السنن" (ص/٥٤): (فالحديث المذكور لو تأملناه لوجدناه دليلا على محاربة البدع لا استحسانها؛ لأن شطره الأول محمول بحكم مناسبته على إحداث السنن، أي الإتيان بالسنن النبوية لا ابتداع البدع والمحدثات، فلا دليل فيه - أصلا – على استحسان البدع، وأما شطره الثاني فهو باق على عمومه وإطلاقه في ذم من أحدث سنة سيئة أو تمسك بها، واتبعه الناس في ذلك وهو باق على دلالته لا معارض له ... وعليه فالسنة الحسنة هي إحياء أمر مشروع لم يعهد العمل بين الناس لتركهم السنن، ففي عصرنا الحاضر لو أن إنساناً أحيا سنة مهجورة يقال: أتى بسنة حسنة، ولا يقال أتى ببدعة حسنة، إذن فالسنة الحسنة هي ما كان أصله مشروعاً بنص صحيح وترك الناس العمل به ثم جاء من يجدده بين الناس) (١)

الخامس – قال الشيخ أحمد العدوي في "أصول في البدع والسنن" (ص/١١٣): (إذا صرف النظر عن سبب الحديث يصح أن يراد منه الاختراع في أمور الدنيا والتفنن فيها اختراعا يلتئم مع أصول الدين ومقاصده، كاختراع الملاجئ والمستشفيات، وتشييد دور العلم والطرق المسهلة لرقي الصناعة والتعليم، ونشر الفضيلة وإماتة الرذيلة، فكل هذه المخترعات سنن حسنة يثاب عليها صاحبها ويكتب له مثل ثواب من عمل بها إلى يوم القيامة، فإن شئت فهمت في الحديث الحث على إحياء السنة الدينية التي ورد بها الدين، وشرعها الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم –، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإحسان إلى الفقير، والنصيحة لكل مسلم، والحب في الله والبعض في الله، والرضا بالقضاء والقدر، والتعاون على البر، وان تحب لأخيك ما تحب لنفسك


(١) انظر البدعة للشيخ سليم الهلالي (ص/٧٣).

<<  <   >  >>