للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتكره له ما تكره لها، إلى غير ذلك من الأعمال التي يدعو إليها الدين، ويحث على إحيائها، وإن شئت فهمت في الحديث الحث على التفكير في الأمور الكونية التي ترقى الشعوب برقيها، وتتقدم الأمة بتقدمها في علومها وأخلاقها ودينها، وقد أريناك مما تقدم أن الدين إنما ينهاك عن الاختراع في أمر حدده الشارع ورسمه على وجه مخصوص كالصلاة والوضوء والصوم والحج ... ويبيح لك ما يمكنك من أنواع الاختراع في الأمور المعاشية والاجتماعية والعمرانية بشرط المحافظة على الأصول العامة وأن يكون هذا الاختراع أساسه درء المفاسد وجلب المصالح وإقامة العدل وإماطة الظلم ورد المظالم إلى ذويها، إلى غير ذلك من الأصول التي أسلفناها لك غير مرة).

السادس – وأما تسويته بين الصحابة وسنة الخلفاء الراشدين، وغيرهم ممن هو دونهم فمخالف للأصول العامة للشريعة وقد سبق بيان حجية قول الصحابة وحث النبي - صلى الله عليه وسلم – على إتباع سنة الخلفاء الراشدين، وتحذريه مما أحدثه من جاء بعدهم ..

وسوف يأتي بإذن الله الكلام على أفعال الصحابة وسوف نعرض صورا من إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم – على بعض الصحابة مما يؤيد أن أقوالهم وأفعالهم وإن كانت حجة إلا أنها لا يصح أن تعارض سنة النبي - صلى الله عليه وسلم –.

رابعا – أفعال الصحابة:

استدل الغماري وغيره بما ورد عن بعض الصحابة من اجتهادات في العبادة، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهم على اجتهاداتهم، ومن ذلك:

- ما رواه أحمد وأبو داود عن معاذ رضي الله عنه أنه قال: وكانوا يأتون الصلاة، وقد سبقهم ببعضها النبي صلى الله عليه وسلم قال: فكان الرجل يشير إلى الرجل إذا جاء كم صلى؟ فيقول: واحدة أو اثنتين فيصليها، ثم يدخل مع القوم في صلاتهم قال: فجاء معاذ فقال: لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها، ثم قضيت ما سبقني. قال: فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها قال: فثبت معه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قام فقضى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد سن لكم معاذ فهكذا فاصنعوا» الحديث.

- وما رواه البخاري وغيره عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه، قال: " كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن

<<  <   >  >>