للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(السابع: أن يَقْبضَهُ) أي رأس مال السلم (قبل التفرق من مجلس العقد) استنبطه الشافعيّ رحمه الله تعالى من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أسلَفَ فليُسْلِفْ" (١) أي فليُعْطِ. لأنّه لا يقَعُ اسمُ السلفِ فيه، حتى يعطِيَهُ ما أسلف قبل أن يفارقَ منْ أسلفه انتهى، وحَذَراً أن يصيرَ بيعَ دينٍ بدينٍ، فيدخُل تحتَ النهيِ؛ أو ما في معنى القبضِ، كما لو كانَ عند المسلَم إليه أمانةٌ أو عينٌ مغصوبةٌ، فيجعلها ربُّها رأسَ مالِ السلم، فيصحُّ، لأنه في معنى القبض؛ لا ما في ذمَّتِهِ، فإنْ قَبَضَ بعض رأسِ مالِ السَّلَمِ، ثم افترقَا، بطل فيما لم يُقْبَضْ.

(ولا يُشترط ذكْرُ مكانِ الوفاءِ) في عقدِ السلمِ، لعدمِ ذكرِهِ في الحديث، (لأنه) أي الوفاء (يجبُ بمكانِ العَقْدِ،) وشَرْطُهُ فيه مؤكِّد، (ما لم يُعْقَدُ ببرّيَّةٍ ونحوِهَا) كعلى جبلٍ غير مسكونٍ، أو في دارِ حربٍ، أو في سفينةٍ (فيشتَرَطُ) ذِكْرُ مكانِ الوَفَاءِ.

(ولا يصحُّ أَخذ رهنٍ أو كفيلٍ بمسلمٍ فيه) لأن الرهنَ إنما يجوزُ بشيءٍ يمكنُ استيفاؤه من ثَمَنِ الرَّهْنِ، والضمانُ يقيم ما في ذمة الضامنِ مقامَ ما في ذمةِ المضمون عنه، فيكون في حكم المعوَّض والبَدَلِ عنه، وكلاهما لا يجوز (٢).

(وإن تعذَّر حصوله) أي المسلم فيه، أو بعضهِ، بأن لم يوجد، (خُيِّرَ ربُّ السَّلَمِ) فيه (بين صبرٍ) إلى أن يوجد فيطالِبَ بِهِ (أو فسخٍ).

(ويرجعُ إنْ فَسَخَ برأسِ مالِهِ) إن كان موجوداً بعينه، (أو بَدَلِهِ إن تعذَّرَ) لتعذُّرِ رده.


(١) حديث "من أسلف فليسلفْ في كيل معلومٍ أو وزن معلوم إلى أجلِ معلوم" متفق عليه من حديث ابن عباس مرفوعاً.
(٢) وفي رواية أخرى: يجوز أخذ الرهن والكفيل به، وبه فسّر ابن عباس قوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ .... } إلى قوله: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (المغني ٤/ ٣٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>