للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشرَب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركَبُ وَيشْرَبُ النفقةُ"، رواه البخاري. لا يقالُ: المرادُ به أن الراهن ينفِقُ وينتفع، لأنه مدفوع بما روي "إذا كانَتْ الدابَّةُ مرهونةً فعلى المرتهن عَلَفُها" (١) فجعل المرتهنَ هو المنفقَ، فيكون هو المنتفِع. وقوله: بنفقته، أي بسببها، إذ الانتفاع عِوَضُ النفقةِ، وذلك إنما يتأتَّى في المرتهن، أما الراهن فإنفاقه وانتفاعه بسبب الملك.

ويكون المرتهن متحرّياً للعدلِ. وسواءٌ أنفق المرتهن مع تعذّر النفقةِ من الراهِنِ بِسبَبِ غَيْبَةٍ، أو امتناعٍ، أو مع القدرة على أخذِ النفقةِ منه، أو استئذانِهِ. ويرجع مرتهنٌ بفضلِ نفقتِهِ على راهن.

(وله) أي المرتهن (الانتفاعُ به) أي بالمرهونِ (مجاناً) أي من غير مقابل (بإذنِ راهنٍ) ما لم يكن الدَّيْن قرضاً. قاله في المنتهى، (لكن يصيرُ) الرهن بعد أن كان أمانةً (مضموناً عليه بالانتفاعِ) أي انتفاع المرتهن به، لأنه صار عاريةً، وهي مضمونة. قال البهوتى في شرحه (٢) ظاهره لا يصير مضموناً عليه قبل الانتفاع به.

(ومُؤْنَةُ الرهنِ، وأجرةُ مخزنِهِ) إن احتاج إلى خَزْنٍ؛ (وأجرة ردِّه من إباقِهِ) أو شروده لو كان قِنًّا أو حيواناً فأبق أو شَرَدَ (على مالِكِهِ) كَكَفَنِهِ لو مات، فإن تعذر بِيعَ بقدر حاجته، أو بيع كلُّه إن خيف استِغْراقُهُ.

(وإن أنفق المرتهن على الرهن) ليرجع (بلا إذن الراهن، مع قدرته على استئذانه فمتبرِّعٌ) لأنه مفرّط، حيث لم يستأذِنِ المالكَ، إذ الرجوعُ فيه معنى المعاوضةِ، فافتقر إلى الإِذن والرضا كسائر المعاوضات.


(١) حديث "إذا كانت الدابة مرهونة .... " ذكره في المغني، ولم ينسبه إلى شيء من كتب الحديث. ولم نجده في كنز العمال وغيره.
(٢) في (ف) هنا زيادة "على المنتهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>