للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الحجرُ على هؤلاءِ كلِّهمْ بأن يُمنَعُوا من التصرُّف في أموالِهِمْ وذِمَمِهِم، ولا يصحّ إلا بإذن الوليّ، لأنه بدونه يفضي إلى ضَيَاع مالهم.

[[الحجر على المدين]]

(ولا يطالَبُ المدين، ولا يحجر عليه، بدينٍ لم يحلّ) أما كونه لا يطالَبُ، فلأنَ من شرطِ صحة المطالبة لزومُ الأداء، وهو لا يلزم أداؤه قبل الأجل؛ وأما كونُه لا يُحجَر عليه من أجل ذلك، فلأنَّ المطالبة إذا لم تُستَحقَّ لم يستحق عليه حجر، قال في الفروع. وفي إنظار المُعْسِرِ فضلٌ عظيمٌ، وأبلغ الأخبار عن بُرَيْدةَ مرفوعاً "من أَنْظَرَ مُعْسِراً فله بكل يومٍ مثلُه صدقةً قبل أن يحلّ الدينُ، فإذا حلَّ الدينُ فأنظره فله بكل يومٍ مثليه صدقةً." (١) رواه أحمد رضي الله عنه (لكن لو أراد) من عليه الدينُ (سَفراً طويلاً) فوق مسافة القصر -عند الموفّق وابن أخيه وجماعةٍ، قال في الإِنصاف: ولعلَّه أولى، ولم يقيّدْه به في التنقيح والمنتهى- يحلّ الدينُ المؤجّلُ قبل فراغِهِ، أو بعده، مخوفاً كان أو غيره، وليس به رهن يفي ولا كفيل مليء (فلغريمِهِ مَنْعُه) من السفر لأن عليه ضرراً في تأخيرِ حقِّهِ عن محله في غير جهاد متعيّنٍ (حتى يُوَثِّقَهُ برهنٍ يُحرِزُ أو كفيلٍ مليء) فإذا وثَّقه بأحَدِهِما لم يمنعه، لانتفاءِ الضرر، فلو أراد المدين وضامِنُه معاً السَّفَرَ فله منعُهما، وله منعُ أيِّهما شَاءَ، ولا يملكُ تحليلَهُ إن أَحْرَم.

(ولا يحلُّ دينٌ مؤجَّلٌ بجنونٍ، ولا) يحلُّ دينٌ مؤجل (بموتٍ إن وثَّقَ ورثتُهُ) أو غيرهم (بما تقدم،) يعني برهنٍ يُحْرِزُ أو كفيلٍ مليء.

(ويجب على مدينٍ قادرٍ وفاءُ دينٍ حال فوراً بطلب ربه) لقوله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) حديث "من أنظر معسراً ... الخ" كذا بلفظ "مثليه .. " رواه أحمد وابن ماجه والحاكم من حديث بريدة مرفوعاً (الفتح الكبير) وهو صحيح على شرط مسلم (الإرواء ح ١٤٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>