للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درهمٍ ليبيعه له، ولم يقدِّر له الثمن، فيبيعه بثمانين، والحال أن مثل الثوب قد يبيعُهُ غيره بخمسةٍ وتسعين درهماً. فهذه الخمسةُ التي نقصت عن ثمن مثلِهِ مما يتغابَنُ الناس بمثله في العادة. فلو أن الوكيل باعَ بمثلِ هذا النقصِ لم يضمن شيئاً لأن التحرز عن مثل هذا عَسِرٌ. لكنه لو باع بنقص لا يُتَغَابَنُ بمثله بين التجارِ، وهو عشرون من مائةٍ، فيضمنُ جميع هذا النقص.

(و) من قال لوكيله عن شيء (بعه لزيدٍ، فباعه لغيره) أي غير زيد (لم يصحّ) البيع، قال في المغني: بغير خلاف علمناه، سواءٌ قدَّر له الثمنَ، أو لم يقدِّر، لأنه قد يكون له غرضٌ في تمليكِهِ إياه (١) دون غيره.

(ومن أُمِر) من قِبَلِ مالكٍ (بدفعِ شيءٍ) كثوبِ (إلى) قَصَّارٍ أو خيّاطٍ (معيّنٍ) بتعيين الآمر (ليصنعه) بأن يقصُرَهُ أو يخيطه (فَدَفَعَ) المأمورُ الثوبَ إلى من أُمِرَ بدفعه له (ونسيه) فضاع الثوب (لم يضمن) لأنه إنما فعل ما أمر به، ولم يتعدّ ولم يفرط.

(وإن أطلق المالك) الإِذن، بأن دفعه إليه، وقال: ادفعه إلى من يقصُرُه أو يخيطُه، (فدفعه) الوكيل (إلى من) أي إلى إنسانٍ (لا يعرفه) أي لا يعرف عينَهُ، كما لو ناوله إياه من وراء سُتْرَةٍ، ولا يعرفُ اْسمَهُ، بأن لم يسأل عنه، ولا دكانَه بأن دفعه بمحلٍّ غير دكانِهِ ولم يسألْ عنه، فضاع الثوب (ضمنه) الوكيل لتفريطه.

(والوكيل أمينٌ لا يضمنُ ما تَلِفَ بيده بلا تفريطٍ) لأنه نائبٌ للمالِكِ في اليَدِ والتصرّف، فكان الهلاكُ في يده كالهلاكِ في يد المالكِ، كالمودَعَ.


(١) فإن دلت قرينة على أنه لا غرض له في ذلك يصحّ البيع (عبد الغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>