للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحصيل العِتْقِ، فكانت سبباً له، فكأنَّ المكاتِبَ علَّقَ عتقَ المكاتَب على أداءِ مالِ الكتابةِ، ولأن الخيارَ إنما شُرِعَ استدراكاً لما يحصل لكَلٍّ من المتعاقدين من الغَبْنِ، والمكاتَبُ وسيِّدُهُ دَخَلَا في العقد متطوِّعَيْنِ راضِيَيْنِ بالغبن، فلم يثبت لواحدٍ منهما خيارٌ.

ولا يصحُّ تعليقُها على شرطٍ مستقبَلٍ. (ولا تنفسخ) الكتابةُ (بموتِ السيّد، و) لا (جنونه، ولا بحجرٍ عليهِ) لسفهٍ أو فَلَسٍ كبقية العقود اللازِمَةِ، (ويعتَقُ) المكاتَبُ (بالأدَاءِ إلى مَنْ يقومُ مقامَهُ) أي مقامَ سيِّده، كوكيلِهِ، أو الحاكمِ عند غيبة سيده وعدم وكيله، أو بالأداء إلى ورثته.

(وإن حلّ) على المكاتَبِ من مالِ الكتابة (نجمٌ فلم يؤدِّهِ فلسيده الفسخُ) بلا حُكْمِ حاكِمٍ، لأن مال الكتابةِ حقٌّ للسيد، فكان له الفسخ بالعجز عنه، كما لو أعْسَرَ المشتري ببعضِ ثمنِ المبيعِ قبلَ قبضِهِ.

(ويلزَمُ) السَّيّدّ (إنظارُهُ) أي إنظارُ المكاتبِ قبلَ فسخِ الكتابةِ (ثلاثاً) أي ثلاثَ ليالٍ بأيامِها إن استنظَرَهُ المكاتب (لبيعِ عَرْضٍ، ولمالٍ غائب دون مسافةِ قَصْرٍ يرجو قدومَهُ) وَلِدَيْنٍ حالٍّ على مليء أو مودَعٍ لأن عقد الكتابة ملحوظ فيه حظُّ المكاتَبِ والرفقُ به.

(ويجبُ على السيّد) بعدَ قبضِ جميع مال الكتابةِ (إن يدفَعَ للمكاتَب رُبْعَ مال الكتابةِ) لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} وظاهر الأمرِ الوجوب. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: وأما كونُه ربع مال الكتابة فلما روى أبو بكر بإسناده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله سبحانه وتعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قال: "رُبْعُ الكتابة" وروي مرفوعاً عن علي (١)، ولأنه مال يجب إيتأوه بالشرع مواساة، فكان


(١) حديث عليٍّ رواه عنه مرفوعاً الحاكم بلفظ "يترك للمكاتَبِ الرُّبُع" ورواه عنه موقوفاً عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه =

<<  <  ج: ص:  >  >>