للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحقَّ منها بها. ودل الحديث على أن الاستئمار هاهنا والاستئذانَ في حديثهم (١) مستحبٌّ غير واجبٍ، لما روى ابن عمر، قال: "قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: آمِرُوا النساءَ في بناتِهنّ" (٢) رواه أبو داود.

(ولكل وليًّ تزويجُ يتيمةٍ بلغت تسعاً بإذنها) لأنها تصلُحُ بتمامِ التسعِ سنينَ للنِّكاحِ، وتحتاجُ إليه، فأشبهت البالغة.

(لا مَنْ دونها) أي دون تسع سنين (بحالٍ) أي سواء أذِنَتْ أم لا (إلاَّ وَصيَّ أبيها) قال في شرح المنتهى: فيجبُر الوصيُّ من يجبُرُهُ الموصِي لَوْ كانَ حيًّا، من ذكرِ أو أنثى. انتهى.

(وإذنُ الثيّب) أي من صارت ثيّباً بوطءٍ في قُبُلٍ، ولو كانَ وطؤُها بزناً، أو مَع عَوْدِ بَكَارَتِها بعد إزَالتها (الكلامُ) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيّبُ تُعْرِبُ عن نفسِها" (٣) أي: تُبِينُ، ولأنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح الأيّمُ حتى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البكْرُ حتى تُستَأذَنَ، وإذنها سكوتها" يدلُّ على أنه لا بد من نطقِ الثيّبِ، َ لأنّه قسَمَ النساءَ قسمين، فجعل السكوتَ إذناً لأحدهما،


= الحق واجبة، وإنما يكون باستئذانها عملاً بما صرّحت به السنة في روايات كثيرة قد تبلغ التواتر. وانّما أكتفت السنة من البكر بالصمت دلالهَ على الإِذن، لشدة حيائها، لا لأن رضاها غير معتبر. أما الثيب فإنها تستأمر أي تشاور ويؤخذ رأيها صراحة والله أعلم.
(١) يعني حديث المخالفين القائلين بأن إنكاح البكر كالثيب لا يصح إلا بإذنها. وهو حديث الصحيحين "لا تنكح البكر حتى تستأذن" (عبد الغني).
(٢) حديث "آمِروا النساء في بناتهنّ" رواه أبو داود والبيهقي من حديث ابن عمر. وهو ضعيف. (ضعيف الجامع الصغير).
والشارح ذكر هذا الحديث، مدلّلاً به على ما ذكر. ووجهه ان استثمار الأم ليس بواجب اتفاقا بل هو مستحب، قالوا فكذلك استثمار المخطوبة نفسها ليس واجباً. ولكن للآخرين أن يجيبوا بأن حديث (آمروا النساء .. " فيه أمر، فيمكن حمله على الاستحباب دون الوجوب. أما حديث "لا تنكح البكر حتى تستأمر" فهو نفي أو نهي ويدل على الفساد. ثم إن حديث "آمروا" ضعيف فلا تقوم به حجة أصلاً.
(٣) حديث "الثيب تُعْرِب عن نفسها" رواه أحمد ومسلم من حديث عميرة الكندي. (كنز العمال ١٦/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>