للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشار للأول منهما بقوله. (بشرط أن يرتضع خمسَ رضعاتٍ) فصاعداً. وعنه: ثلاث يحرِّمن. وعنه: واحدة.

وأشار للثاني بقوله: (في العامين) فلو ارتضع بعدهما بلحظةٍ لم تثبت الحرمة، لقول الله تعالى: {وَالوَالِداتُ يُرْضِعْنَ أوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فجعل تمامَ الرضاعِ حولين. فيدل على أنه لا حُكْمَ للرضاعةِ بعدهما.

(فلو ارتضعَ) في الحولين أقلَّ من خمسِ رَضَعاتٍ، ثم ارتضع (بقيةَ الخمسِ بعد العامينِ بلحظةٍ،) ولو قبل فطامِهِ، (لم تثبت الحرمة،) لأن شرط التحريم أن يكون في الحولين، ولم يوجد.

وعُلِمَ منه أنه لو شَرَعَ في الخامسةِ، فحال الحولِ، قبل كمالها، اكتُفِي بما وُجِد منها في الحولين.

وأمَّا حديث عائشة رضي الله عنها وعن أبيها "أنَّ سَهْلَةَ بنتَ سُهيلٍ بن عمرو جاءت إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! إن سالماً مولى أبي حذيفةَ مضى في بيتِنا، وقَدْ بَلَغَ ما يبلغ الرجال، وعَلِمَ ما يعلمُ الرحال؟ فقال: أَرْضِعِيهِ تَحْرُمي عليه" رواه مسلم، فهو خاصٌّ به دون سائر الناس (١)، جمعاً بين الأدلة.

(ومتى امتصَّ) الطفلُ (الثديَ، ثم قَطَعه) أي قطع المصّ، (ولو) كان قطْعُهُ له (قهراً) أو كان قطعُهُ له لتنفُّسٍ، أو لملةٍ له عن المصّ، أو لانتقالٍ عن ثدي إلى ثدي آخر (ثم امتصّ) الثديَ (ثانياً، فرضعةٌ ثانية) لأن المصَّةَ الأولى زالَ حكْمُها بتركِ الارتضاع، فإذا عادَ فامتصّ، فهي غير الأولى. وانتقالٌ من ثدي إلى آخر يصيّرهما رضعتين. وهذا ظاهر


(١) واختار ابن تيمية رأياً خلاف هذا فيه فسحة، فقال "رضاع الكبير تنتشر به الحرمة بحيث [يبيح] الدخول والخلوة، إذا كان قد تربَّى في البيت، بحيث لا يحتشمون منه، للحاجة: لقصة سالم مولى أبي حذيفة" (الاختيارات الفقهية ص ٢٨٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>