للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصاص (على استيفائِهِ، فلا ينفردُ به) أي بالاستيفاء، (بعضُهم) دون بعضٍ، لأنه يكون مستوفياً لحقِّ غيرِهِ بغير إذنه، ولا ولايةٍ له عليه.

(وُينتظَر قدومُ الغائب، وتكليفُ غير المكلف) أي بلوغ وارثٍ صغيرٍ، وإفاقةُ وارثٍ مجنونٍ، لأنهم شركاء في القصاص، ولأنه قصاصٌ غير متحتّمٍ ثبتَ لجماعةٍ معيّنين، فلم يجزْ لأحدهم الاستقلالُ به (١).

(ومن مات من المستحقّين فوارثُهُ) أي وارثُ من مات (كهو) أي كمورِّثِهِ، فيملك ما كان يملكه مورِّثُه، لأنه حقٌّ للميت، فانتقل بموته إلى وارثه، كسائر حقوقه.

(وإن عفا بعضهم) أي بعض مستحقّي القصاص، (ولو) كان العافي (زوجاً أو زوجةً) لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأهْلُهُ بَيْنَ خِيْرَتَيْنِ" (٢) وهذا عامّ في جميع أهله، والمرأةُ -ولو كانت زوجة- من أهله، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من يعذرُني مِنْ رجلٍ بلغني أذاهُ في أهلي؟ وما علمتُ على أهلي إلا خيراً" (٣) يريد عائشة، (أو أقرّ بعفوِ شريكِهِ، سقط القصاصُ) قال في المنتهى: أوْ شهد، ولو مع فسقه، بعفو شريكِهِ، سقَطَ القودُ. قال في شرحه: فأما سقوطُهُ بشهادةِ بعضِهِمْ على شريكه بالعفو فلكونهِ إقراراً بأنَّ نصيبَهُ من القودِ سَقَط.

(الثالث) من شروط استيفاء القصاص: (أن يأمنَ في استيفائِهِ) أي


(١) هذه إحدى الروايتين عن أحمد. والرواية الأخرى أن للكبار العقلاء استيفاءه وهو مذهب مالك والأوزاعي والليث وأبي حنيفة لأن الحسن بن عليّ قتل ابن ملجِمٍ قصاصاً وفي الورثة صغار (مغني ٧/ ٧٣٩)
(٢) رواه أحمد والترمذي والدارقطني من حديث أبي شريح الكعبي. "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل، وإني عاقله". فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل" وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" (الإِرواء ح ٢٢٢٠)
(٣) حديث "من يعذرني .... " جزء من حديث عائشة في قصة حديث الإفك. وهو متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>