للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣) قوله: "أو لا يملك، كحمل وبهيمة": أي فقط. وإنما صحت الوصية [٢/ ٤١] للحمل لكونها تجري مجرى الميراث، وهو يرث. وإنما صحت للبهيمة لأنها أمر بصرف المال في علفها، ولذلك لا يصرفه عليها مالكها، بل الوصي أو الحاكم.

وإذا ماتت قبل تمامه يكون الباقي للورثة. وإنما قلنا "فقط" لأنه سيأتي أنها لا تصح لمَلَكٍ ولا جني ولا ميت، لأنهم لا يملكون. نعم تصح الوصية لقِنِّ الموصي بمشاع، كثلث من ماله ونحوه. ويعتق بقبول إن خرج من الثلث، وإلا بقدره، وإن فضل شيء أخذه. وأما إن وصى بمعين لا يدخل فيه فلا تصح.

ولا تصح أن وصى لعبد غيره لأنه لا يملك. قال في التنقيح [٥٠أ]: وتصح لعبد غيره إن قلنا يملك، وإلا فلا. اهـ. والمذهب أنه لا يملك، فلا تصح الوصية له. وعبارته في الإنصاف: قوله: وتصح لعبد غيره، هذا المذهب وعليه الأصحاب. ثم قال: ظاهر كلام المصنف صحة الوصية له، سواء قلنا يملك أو لا، صرح به ابن الزاغوني في الواضح. وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.

والذي قدمه في الفروع أنها لا تصح إلا إذا قلنا يملك، جزم بالأول في المنتهى تبعًا للتنقيح، وجزم بالثاني في الإقناع. وقال في حاشيته على التنقيح: والمذهب الذي عليه الأصحاب أنها تصح له مطلقًا، وهو مذهب الشافعي ومالك، سواء قلنا يملك أو لا. وصرح به ابن الزاغوني، وأطلقه في المقنع والكافي والهادي (١) والمغني والشرح ومسبوك الذهب (٢) وابن رزين وأبو الخطاب في الهداية والمذهب والوجيز ونظمه (٣) والخلاصة (٤) والنظم والحارثي والمستوعب


(١) الهادي: هو كتاب للموفق ابن قدامة رحمه الله، واسمه "عمدة الحازم في المسائل الزوائد عن مختصر أبي القاسم" أي الخرقي. والكتاب مطبوع.
(٢) مسبوك الذهب في تصحيح المذهب لابن الجوزي (- ٥٩٧ هـ).
(٣) نظم الوجيز: تقدم أن الوجيز هو للحسين بن يوسف الدُّجيلي (- ٧٣٢هـ) ونظمه هذا في سبعة آلاف بيت للتستري، وهو نصر الله بن أحمد البغدادي. وتسمّى "منظومة الوجيز".
(٤) الخلاصة: في الفقه لأسعد بن المنجّا (- ٦٠٦ هـ) هذّب فيها كلام أبي الخطاب في الهداية.