للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ٤٧٥]

هو الذي لا يمكن ورود الشك عليه. فالعقل قوة تدرك ذلك، لا نفس الإدراك.

ومحله القلب، وله اتصاله بالدماغ.

(٤) قوله: "الضروري وغيره": أي غير الضروري، وهو النظري.

اعلم أن الواجب عقلاً هو الذي لا يدرك في العقل عدمه، إما ابتداءً بلا احتياج إلى سبق نظرٍ، ويسمى الضروري، كالتحيّز للجرم، فإن العقل يدرك ابتداء أنه لا بد للجرم من الحيِّز، أي أخذه قدرًا من الفراغ. وإما بعد سبق نظر، ويسمى "نظريًا"، كالقِدَم لمولانا عز وجل، فإن العقل إنما يدرك وجوبه له سبحانه وتعالى إذا فكَر العاقل وعرف ما يترتب على ثبوت الحدوث له عز وجل من الدور والتسلسل الواضحي الاستحالة.

والحاصل أن الواجب عقلاً هو ما لا يتصور في العقل عدمه.

والممكن هو ما يتصور في العقل وجوده وعدمه. وهو إما ضروري أو نظري، فالأول كاتصاف الجرم بخصوص الحركة، والثاني كتعذيب المطيع الذي لم يعص الله طرفة عين.

والممتنع، أي المستحيل، هو ما لا يتصور في العقل وجوده. وهو ضروري ونظري، فالأول كتجرد الجرم عن الحركة والسكون معًا، والثاني ككون الذات العلية جرمًا، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، لأنه لو كان جرمًا لوجب له الحدوث (١).

(٥) قوله: "كوجود الباري": هذا مثال للواجب النظري، وقوله "وكون الجسم الواحد ليس إلخ" مثال للواجب الضروري. وكذا قوله "وكون الواحد إلخ" وقوله "واستحالة اجتماع الضدين" الصواب أن يقول "واجتماع الضدين" فيكون


(١) الصواب أن الجسم والجرم والجهة ونحوها لا نُثْبَتُ لله تعالى ولا تنفى عنه، إذ لم يرد في الكتاب والسنة إثباتها ولا نفيها، ولأن إثباتها قد يوهم كونه تعالي مخلوقًا، ونفيها يوهم التعطيل من صفات الاستواء والمجيء والنزول. فمثبت ما أثبته الكتاب أو السنة الصحيحة، وننفي ما نفياه، وما عدا ذلك نسكت عنه لأنه من عالم الغيب، وهو لا يقاس على عالم الشهادة.