للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٣٥٠ - ومما احتج به المزني أن قال: إذا قال أحد الشريكين للثاني: قد أعتقتَ نصيبك وأنت موسر، فنحكم بعتق نصيب المدعي، لأنه أقرّ به وهو مؤاخذٌ بإقراره، فدل أن العتق حصل بنفس اللفظ، ولو كان يعتق بأداء القيمة، لم نحكم بعتق نصيب المقر، لأنه لم يأخذ قيمة نصيبه بعدُ.

قلنا: لا يشك الفقيه في أن هذا تفريع على قول تعجيل السراية، والجواب فيه أنا إن حكمنا بالتعجيل، وقع الحكم بالعتق في نصيب الشريك المدعي، والقول قول المدعى عليه، فإن حلف أنه لم يُعتِق نصيبَ نفسه، تَخَلَّص، وإن نكل، حلف المدعي، واستحق عليه القيمةَ لنصيبه، ثم إذا حلف المدعي يمين الرد وألزمنا المدعى عليه القيمة، فهل يقع الحكم بالعتق في نصيب المدعى عليه؟

قال المحققون: لا نحكم بالعتق في نصيبه؛ فإن الدعوى إنما توجهت عليه بسبب تغريمه القيمة؛ وإلا فالدعوى على الإنسان بإعتاق ملكه مردودة، وهي بمثابة ما لو ادعى رجل على مالك عبد أنه أعتقه، فلا تسمع الدعوى، ولا معنى لها. نعم، لو كان هذا المدعي شاهداً، وانضم إليه آخر، وعُدّلا، حُكم بالعتق لشهادة الحسبة.

وإنما نسمع الدعوى من العبد نفسه لما له في العتق من الحظ واستفادة الخلاص، وإنما تقبل دعوى الشريك لطلب القيمة، وَرَدُّ اليمين لا يثبت غير القيمة.

وأبعد بعض من لا خبرة له وقضى بنفوذ العتق في نصيب الشريك المدعى عليه بيمين الرد؛ تبعاً لارتباط دعوى القيمة به، ولا مساغ للقيمة إلا من جهة تقدير السراية، ولا سراية ما لم يُقَدَّرْ نفوذُ العتق من الشريك في نصيبه.

ثم إذا حكمنا على قول التعجيل بنفوذ العتق في نصيب المدعي، فولاء ذلك النصيب موقوف؛ لأن المدعي يزعم أنه لشريكه، وشريكه ينفيه؛ فبقي الولاء موقوفاً، وسيأتي القول في وقف الولاء في مثل ذلك.

ثم قال المزني: لو ادعى الشريك المدعى عليه على صاحبه مثل ذلك، عَتَقَ العبدُ، وكان الولاء له، وبيان ذلك: أنه إذا ادعى كل واحد من الشريكين على صاحبه أنه أعتق نصيبه -والتفريع على قول التعجيل- فينفذ الحكم بعتق العبد ونقول: كل