للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النجوم برىء، وعَتَقت حصته المبرىء عندنا خلافاً لأبي حنيفة (١)؛ فإنه لم يحكم بالعتق ما بقي عليه درهم، ووافق في نفوذ العتق فيه، فأما إذا استوفى أحد الابنين [بأداء] (٢) حصته من النجوم، فتصوير الاستيفاء لا يتأتى شرحه الآن، فنضيف هذا الطرف إلى الباب الذي سيأتي في كتابة بعض العبد، إن شاء الله.

فإذا ثبت نفوذ العتق - إذا صرح به أحدهما - وثبت من مذهبنا نفوذُه بالإبراء، كما ذكرناه، فهل نحكم بسريان العتق إلى نصيب الابن الذي لم يُعتق ولم يُبرىء؟ فعلى قولين: أحدهما - لا يسري؛ لأن العتق ينفُذ على حكم الكتابة، وكأن المعتِق هو المورِّث (٣)، والوارث نائب عنه، وصدَرُه عمن هو في مرتبة الخلافة والنيابة.

والقول الثاني - أن العتق يسري إلى نصيب الابن الذي لم يبرىء، ولم يُعتق؛ لأن المكاتب مملوك للورثة إلى أن يَعتِق، وعتقُ المعتِق صادرٌ عن ملكه، والخلافةُ تقتضي نزول الوارث في ملك رقبة المكاتب منزلة الموروث، ثم العتق اقتضاؤه الملك، والدليل على ثبوت الملك أن من زوّج ابنته من مكاتبه، ثم مات قبل عتق المكاتب، فالزوجة ترث شيئاً من رقبة الزوج، وينفسخ النكاح بذلك؛ ولولا حصول الملك في رقبة المكاتب للمولى، لما انفسخ النكاح.

ثم قال القاضي: الأَوْلى بناء القولين على أن الدَّين هل يمنع حصول الملك للورثة في عين التركة، وقد مهدنا هذا على بيان شافٍ، فالمكاتب [مستحَق] (٤) العَتَاقة في


= يكون موقوفاً .. " (ر. التهذيب: ٨/ ٤٣٥).
وقد أشار الرافعي إلى كلام البغوي قائلاً: " وقال صاحب (التهذيب): " قضية سياق (المختصر) حصول قولين في عتق أحد الابنين نصيبه: أحدهما - العتق، وأصحهما - المنع، بل يوقف ... إلخ " (ر. الشرح الكبير: ١٣/ ٤٩١)، وانظر أيضاً (روضة الطالبين: ١٢/ ٢٤١).
(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٤٢٤ مسألة ٢١١٦.
(٢) في الأصل: " فأبرأه " والمثبت من المحقق، بناء على السياق.
(٣) والمعنى أن العتق لا يسري، لأنه ينفذ على حكم الكتابة، والذي كاتب العبدَ هو المورّث، فالابن الوارث يعتق نيابة عنه، فكأن المعتق في الحقيقة هو الميت، والميت لا ذمة ولا ملك له، فهو معسرٌ، فكيف يسري عتقه.
(٤) في الأصل: " يستحق ".