للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدة طويلة، ولذا يتردد طالب العلم بين الإقدام عليه، لتقريبه المطلوب بيسر وسهولة، والإحجام عنه لما يأكل من الذهن والزمن ... " (١).

أما أخونا العلامة الطناحي، فيقول:

"لو كان لي من الأمر شيء، في الدراسات العليا بالجامعات العربية، لجعلتُ موضوع الماجستير والدكتوراه فهرسة كتاب من كتب التراث، فهرسة تفصيلية كاشفة.

وسوف يكون هذا العمل مجدياً على الطالب، وعلى الدراسات العليا نفسها، بدلاً من الموضوعات التي تهرّأت واستُهلكت، وأصبحنا بها ندور حول أنفسنا.

فإذا فُهرست كتب كل فن من فنون التراث على هذا النحو الكاشف الجامع، أمكن لنا أن نقدم صورة حقيقية لفكرنا العربي الإسلامي، بدلاً من أن نُغرق في مدحه ببلاهة، أو نُسرف في ذمه بجهل." (٢).

ثم في مقام آخر يغضب غضبة مُضرية على الذين يجهلون قيمة الفهارس؛ فيردّونها على صاحبها؛ ولا يقبلونها سنداً للترقية في السلك (الأكاديمي) الجامعي، فيقول: "وأمر عجيب، وهو ما سمعناه أخيراً، من أن لجان الترقيات، في بعض الجامعات العربية، وقد رفضت -ضمن ما قدم لها من أعمال- فهرسةً علميةً لفنٍّ من فنون التراث، من داخل كتاب كبير، من أمهات الكتب، بحجة أن الفهرسة عملٌ آليٌّ ميكانيكي، لا يمثل جهداً علمياً! ".

فيغضبه هذا التصرّف أشد الغضب، فيقول ثائراً:

"وأستطيع أن أردّ هذا القولَ وأمحقه، لولا الغم الذي أطبق على القلب من سماع هذا الكلام العجيب".

وقد مر بك في أثناء الحديث عن أعمال المستشرقين، أنهم قد عُنوا بفهرسة كتب التراث، عناية فائقة، وأن من ذلك فهرسَ أمالي أبي علي القالي، الذي صنعه


(١) ر. الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبي غدة: ٣٥٢.
(٢) من مقالٍ له بمجلة (البحث العلمي والتراث الإسلامي) سبقت الإشارة إليه آنفاً (ص٥٨٠).